- إنضم
- 6 مارس 2015
- رقم العضوية
- 3646
- المشاركات
- 9,624
- مستوى التفاعل
- 29,425
- النقاط
- 2,276
- أوسمتــي
- 29
- العمر
- 24
- الإقامة
- القمر
- توناتي
- 4,337
- الجنس
- أنثى
LV
7
نحن البشر مخلوقات عجيبة حقًا دائمًا ما نندد بشعارات رنانة وهتافات صارخة عن أن البشر
متساوون ولا للعنصرية نعم للسلام والاستقرار كل البشر أحرار ،
تدين بدين الإنسانية ولكن عندما تصطدم مصالحهم مع تلك الشعارات فتلقى جميعها
بمكب القمامة وتكون المصلحة الخاصة فوق كل شيء
من أنا ؟!...... ما هذا المكان ؟!....... ماذا يحدث حولي ؟!..... من هؤلاء؟
دارت عيني لتفحص المكان من حولي ولكن رؤيتي مازلت مشوشة وذاكرتي لا تستجيب لتوسلاتي بأن أعيد شريط الأحداث لأعلم
ماذا يحدث من حولي وجسدي كأنه مشلول شللاً كلي لا أستطيع حتى تحريك أصابعي
أما هن رأسي فكأنه يدق فيه مطارق من حديد تكاد تفجر رأسي ، بدأت أستعيد وعيي شيئًا فشيئًا أسمع أصوات جنود ناهرة هنا وهناك ولكني
لا أستطيع تميز جنسهم أو لغتهم ، أهم إنجليز مثلي ؟!أم أنهم أعدائنا الألمان ؟
صحيح لقد تذكرت يبدو أن ذاكرتي بدأت تعود شيئًا فشيئًا ، ساحة الحرب ، البنادق والصواريخ ، المعركة ،
لقد ... لقد هزمنا على ما يبدو ووقعت أنا وبقية أفراد فرقتي في الأسر
نظرت حولي بتوجس أين هم ؟ يبدوا انهم محتجزين بزنزانة أخرى غير التي احتجزت فيها أو ربما أبيدوا جميعًا
يا إلهي لم أعد أستطيع التفكير رأسي يؤلمني بشده ويكاد أن ينفجر من كثر الألم
أريد النوم حقًا ولكني لا أستطيع التمدد بسبب تلك القيود اللعينة حول معصمي
والأخرى تضم قدماي ببعضها الأمر مزعج ومؤلم للغاية
بعد مرور نصف يوم وأنا أحاول الاستلقاء طالبًا قسطًا بسيطًا من الراحة
فتح زنزانتي عسكري بلباس ألماني وبدون أن يتكلم بدأ يفك وثاق قدمي وجذبني من ياقة قميصي وبدأ يجرجرني خلفه
حاولت أن أسأله بلكنة ألمانية ركيكة كنت تعلمتها بالجامعة من بعض أصدقائي الألمان
ولكن لا جدوى الكلمات لاتتجمع بعقلي وتتوقف قبل أن ينطقها لساني ،
سمعت في الممر الذي كان يسحبني فيه صرخات المساجين ويبدو أنهم من أبناء جلدتي كنت أسمع توسلاتهم وقلبي يتمزق
وتأوهاتهم تملأ الأرجاء شعرت بقلبي يهوي إلى قدمي من الرعب.
فتح الجندي باب غرفة أكبر وألقى بي فيها ، نظرت حولي بتوجس وجدت جنودا إنجليز غيري ولا يبدو عليهم آثار تعذيب
أو إصابات مما أثار الريبة والشك بداخلي ، توجهت
إلى زاوية الغرفة وتكورت حول نفسي كان جسدي يرتجف بلا توقف ويتصبب العرق مني بغزارة مع أسناننا كان تصتك
من شدة البرد ، أهذه النهاية على أوشكت رحلتي في هذه الحياة على الانتهاء ،
تذكرت وجه أمي الباسم ودلال زوجتي الجميلة وضحكات ابنتي الصغيرة ذات العامين ألن أراهم مرة أخرى وذهبت عيناي
بالنوم لتريح عقلي من سيل الذكريات المؤلمة ويفصلني عن الواقع لبعض الوقت .
لم أستقيظ إلا عندما فتح جندي آخر الباب بقوة ودخل يصرخ فينا فانتفض الجميع واقفًا ومذعورًا وانتفضت معهم
ودخلت من وراءه رجل وقور كبير السن أشيب الشعر يبدو أنه تجاوز الستين من عمره يرتدي معطفًا أبيضًا يشبه الذي يرتديه الأطباء ،
بدأ يتفحص وجوهنا بانتباه والتقت عيناه بعيناي فأشحت بناظري سريعًا وقد دب في جسدي شعور غريب بالخوف
لا لم يكن خوفًا كان شيئًا أكثر من ذلك
كانت في عيني هذا الرجل نظرة توحي بأنه قتل الكثيرين بدم بارد نظرةٌ مرعبة حقًا لم أرها من قبل في حياتي
كان ذاك الطبيب على حسب اعتقادي يتكلم مع الجندي ويلقي عليه بعض الأوامر
حاولت استرجاع جميع الكلمات التي تعلمتها من رفاقي الألمان وحاولت ترجمة
ما أسمعه من كلامهمففهمت من أوامره : اجعلهم يصطفون خلف بعضهم بلا شغب أو فوضى
أنت المسؤول هنا المختارون فقط من قبلي هم مسؤوليتي أما البقية فلكم حرية التصرف معهم .
لم أفهم مقصده من الكلام ولكن سرعان ما بدأ الجندي بترتيبنا صفًا واحدًا وكان مجموعنا حينها خمسة عشر أسيرًا ،
ثم بدأ الطبيب بالسير محاذاتنا ويتفحصنا بنظراته الثاقبة وكأنه يجزأنا في عقله تجزيئًا وكان ممسكًا بيده بعض الأوراق
ويلقيها على بعض الأسرى المصطفين أمامه فيأتي الجنود ويجروه خارجَ الغرفة إلى مصير مجهول
ومع كل واحد تلقى عليه الورقة ويسوقوه الجنود خارجًا نسمعهم وهم يتوسلون ويبكون ويستنجدون ، كأنما يساقون للموت
ومع كل ورقة تلقى يقترب دوري أكثر وأكثر كانت تلك اللحظات القليلة كأنها الدهر وعندما اقترب مني لم أقوَ حتى على النظر
في عيني الطبيب ولكنه نظر إلي نظرة ملؤها السخرية والشماتة
وألقى الورقة المشؤومة في وجهي وكانت تلك ورقته الأخيرة وغادرنا
وعلى وجهه ابتسامة ملؤها السخرية والتشفي وقدم الجنود إلى يسوقونني خلفهم
كأنني بهيمة لا حول لها ولا قوة ،
وهنا شعرت أن حياتي انتهت بالفعل وحاولت اسكان روحي والاستسلام للأمر الواقع ،
أدخلني الجنود مع المختارين السابقين إلى زنزانة جديدة كانت أشد ضيقة وأكثر ظلمة من الزنزانة السابقة
كان عددنا ثمانية أسرى بدت وجوههم كتلك الوجوه التي عصفت بها الريح أيما عاصفة وأنهم مثلي خلفوا ورائهم نساء وأطفالًا ،
أسندت ظهري للأرض وتنهدت تنهيدةً كاد قلبي أي يخرج معها
من ثقل همي وعظم خوفي ثم نظرت إلى تلك الورقة التي ألقاها الطبيب على وجهي ،
لم يكن بها حكم بالإعدام أو أمر بالتعذيب أو ما شابه ، لم يكن بها سوى أرقام مجموعة من ستة لم أفهم معناها
أو مخزاها كانت تلك الأرقام 752021 حاولت مرارًا التفكير في مخزى هذه الأرقام ،
واستعملت من أجل ذلك جميع العمليات الحسابية والرياضية البسيط منها والمعقد مما تعلمته في سنوات
دراستي الست عشرة ولكن بلا جدوى ،وبعد مرور ما يقارب الثلاث ساعات من زجنا في هذه الغرفة
دخل فتح باب زنزانتنا جندي يقف من خلفه رجل ذو هيبة أظن أنه لواء جيش ومعه رجل آخر
كان شكله غريبًا لا يسر العين فقد كانت الوشوم تملأ جسده ذراعيه ورقبته وصلعة رأسه بشكل مقزز
ومنفر للعين وكان يحمل بيديه حقيبةً للأدوات ، أخرجنا العساكر من زنزانتنا بعد أن أمرهم اللواء بذلك،
وساقونا إلى غرفة أخرى كانت واسعة ببعض الشيء عن تلك الزنزانة الكئيبة وكان يقبع فيها كرسيان وطاولة
جعلنا العساكر نصطف خلف بعضنا البعض وكنت الثاني بالصف ، أجلس العساكر الشخص
الواقف أمامي على الكرسي وخلعوا عنه قميصه ثم ربطوا يده خلف ظهره وثبته قدميه بالكرسي وكان الكرسي مجهز بأربطة لدعم ذلك ،
ووضعوا الورقة التي كانت بين يديه على الطاولة التي جلس مقابلها
الرجل ذي الوشوم وكان يبدو أنه واشم متمرس وبدأ ينقش تلك الأرقام التي على الورقة على الذراع الأيمن للرجل
وكان يبدو على ملامح الرجل الألم ولكن لم يحرك ساكنًا وبعد ما يقارب الربع ساعة
انتهى الرجل ففك العساكر وثاق الأسير وأوقفوه في آخر الغرفة جاعلين وجهه للحائط بعد أن قيدوا يديه خلف ظهره
وكان دوري التالي بعده خلع عني العساكر قميصي وجذبوه بعنف كاد أن يمزقه
وأجلسوني على الكرسي بقوة وقيدوا معصمي إلى الخلف الحال نفسه مع قدمي
وبدأ الواشم ينقش أرقامي على ذرعي الأيمن ، كان الأمر مؤلمٌ للغاية ولكني آثرت عدم الصراخ وحبست ألمي داخل
نفسي وتحملت وما ان انتهى ذاك الرجل مما يفعل حتى فكوا وثاقي وقادوني إلى الحائط بقرب
من الرجل الذي كان قبلي وفعلوا بي كما فعلوا به وكان الأمر نفسه مع بقية الأسرى وكنت قد وقف
ما يقارب الساعتين أو أكثر إلى أن تخدرت قدماي بالفعل ولم أعد أقوى على حمل جسدي وما إن انتهى الأمر
حتى ساقونا مرة أخرى إلى خارج المبنى ، وكانت هناك بانتظارنا سيارة ضخمة
خاصة بنقل المساجين وكانوا يقومون بتغمية أعيننا قبل أن يدخلونا تلك الشاحنة وجلسنا نحن الثمانية بعضًا جنب بعض
وانطلقت تلك الشاحنة إلى مصيرنا المجهول ، وعندما كانت زنزانتنا
المتحركة تسير بنا حاولت ارهاف السمع رغم أن الزنزانة كانت عازلة للصوت بعض الشيء
ولكني استطعت سماع صوت المارة في الشارع بعض الأطفال يسيرون بجانب أمهاتهم وصوت
الباعة ، تذكرت طفلتي الجميلة يا إلهي كم اشتقت إليها وزوجتي الحانية وبسمة أمي الحنون وحياتي المدنية ،
يبدو أني غبت عن الحياة العامة طويلًا بسبب التحاقي بالجيش ،وبدأت الأصوات
شيئًا فشيئًا بالسكون حتى لم أعد أسمع شيئا يبدو أن مأوانا الجديد في مكان منعزل عن البشر ،
راجعت ما حصل معي منذ بداية أسري وذاك الطبيب ووشم الأرقام الذي كان على ذراعي
لكني لم أصل إلى أي شيء ولو بسيط لأعرف ما أنا مقبل عليه ، فلم يكن أمامي إلا الاستسلام للأمر الواقع .
تباطأت سرعة الشحنة استعدادًا للتوقف وهم العساكر المرافقون لنا بالهبوط من الشاحنة وإجبارنا على النزول منها ،
كان أسلوبهم فظًا وغليظًا لدرجة لا تطاق فكانوا يحملوننا همًا جديد فوق همومنا ، توقفنا أمام المبنى الذي توقفت أمامه الشاحنة
كانت مستشفى كبيرة وعملاقة والغريب أنها كانت في مكان معزول تمامًا عن البشر .
ولجنا إلى المشفى ليستقبلنا ذلك الطبيب الأشيب علمت فيما بعد أن اسمه بيكر ويلسون
كان يبدو سعيدًا جدًا بقدومنا على نحو مريب وكأنه تلقى جائزة قيمة من نوع ما، استلمنا الطبيب من العساكر
وشكرهم وألقى أوامره إلى الممرضات الشابات على ما يبدو مما فهمت من كلامه أنه أمرهن بالاهتمام بنا هه لم أصدق أذناي
وظننتها مزحة أو كناية عن تعذيب آخر ولكن الغريب أن الممرضات كن يعملننا بلطيف حقيقي ! جهزوا لكل واحدٍ منا حمامًا منعشًا ،
يا سلام .... لم أستجم منذ مدة طويلة شعرت بالراحة فعلًا ، وأعطونا ثيابًا بيضاء نظيفة ومعطرة ، تشبه إلى حد
ما ملابس المرضى بالمستشفيات وقدموا لنا بعدها طعامًا ساخنًا،
فعلا اشتاقت معدتي لطعام ذكرني بطعام أمي كنت طوال الفترة السابقة سواء وقت تجندي مع الجيش كنت أأكل
أكلًا معلبًا ليمدني بالحياة فقط لا أكثر لا أقل ، وعندما أسرت لم أأكل إلا فتاتًا
كالذي تتغذى عليه الجرذان أو أضل سبيلًا وبعد أن انتهينا من وليمتنا دلونا على غرفنا ، كان كل أربعة منا يشتركون في غرفة واحدة ،
كانت غرفتنا واسعة ومعقمة ونظيفة وأسرتنا مغطاة بأفرشة بيضاء ناصعة وأغطية ثقيلة ودافئة تقينا برودة تلك الليلة القارسة
وقد كانت أجسادنا بالفعل بدأت تعتاد البرد وتألفه .
رميت بجسدي المنهك على سريري الجميل كنت سعيدًا به كساعدة طفل بهدايا العيد ، ولكن بعدما ارتاح جسدي
ونسيت شقاء الأيام الفائتة انتابني الشك وأوجست في نفسي خيفة ،
مقارنة بمعاملتنا والقسوة والغلظة والرعب الذي كنا فيه في أيامنا السابقة الأمر فعلًا مريب ،
لم أنسَ بعد نظرة الشماتة وتشفي في عين الطبيب بيكر ، كان الوضع يبدو وكأنه هدوء ما قبل العاصفة .
استيقظنا في الصباح اليوم التالي ، كان يومًا مشرقًا وهادئًا ، دخلت علينا الممرضة سالي
وهي تزيح الستائر عن النوافذ وتشعل الأضواء كنت مستيقظًا بالفعل ،
ثم جئن باقي الممرضات اللاتي كانوا في خدمتنا بالأمس ووضعوا لنا الإفطار ،
كنا نعامل وكأننا كبار الشخصيات في فندق ذي خمسة نجوم ، ولكن قلبي لم يكن مرتاح ،
مع اقتراب وقت الظهيرة جاء إلينا ثلاثة أطباء يرافقون الطبيب بيكر ،
طلب من الطبيب أن يقوموا بإجراء تحليلات وبعض الفحوصات من أجلنا ، وقد كان فقد بدأوا بأخذ عينات
الدم منا وفحص شامل لجميع أجزاء جسدنا ، ومن ثم أخذ بعض الصور بالأشعة السيني
ة ورحلوا عنا بعد ذلك كانوا هادئين للغاية يمارسون عملهم دون أن ينبسوا ببنت شفة ،
واستمر الوضع على هذه الحال أسبوعًا كاملًا نسينا فيه هم الحرب والأسر وما إلى آخره ،
كل يوم بعد الإفطار يأتي الأطباء إلينا ليجروا لنا تلك التحاليل المملة ،
ولكن صباح يومنا الثامن كان صباحًا مختلفًا ، دخل علينا الطبيب بيكر ووجهه تملؤه نظراته الغريبة التي لا يستطيع أحد تفسيرها بسهولة ،
وبرفقته بعض من الأطباء والعساكر
الذين غابوا عنا أسبوعًا من الزمن ، بدأ العساكر بتقيدينا في أسرتنا بالقوة وكانت أسرتنا من النوع المتحرك فبدأوا بجرها ،
لم يقيدونا جميعًا بل قيدوا ثلاثة منا وكنت أولهم ،
وأخذونا إلى غرفة مظلمة وكئيبة ومليئة بالأجهزة الطبية تشبه أجهزة غرف العمليات بشكل كبير ولم يسبق لي دخولها قط ،
كان هناك عدد مهول من الأطباء ما يقارب الثلاثين طبيبًا ،
لم أر بحياتي هذا الكم من الأطباء مجتمعين ، ترك العساكر أسرتنا التي كانوا يسحبونها وغادروا الغرفة ،
وبدأ كل مجموعة من الأطباء بسحب سرير واحد منا وبدأوا تعقيمه جيدًا ،
في البداية خلعوا عني ملابسي وعقموا جسدي كأنهم يجهزوني لعملية ليس كأنهم بل هذه ما كانوا يفعلونه ، أعادوا تقيدي مرة أخرى
ولكن لم يقيدوا أي جزء من بدني بل اكتفوا بتقييد يدي وقدمي وذراعي وساقي وحقنوني بمادة ما وكمموا فمي ، وبدأوا عمليتهم ولكنني لم
أنم أو أخد كان بدأوا بتقطيعي وتشريحي وأنا بكامل وعي وإدراكي، كنت أرى مشارطهم وهي تخترق جسدي وتعبث به ،
حاولت الصراخ مرارًا ولكن لا جدوى ،
صوتي محبوس في حلقى يأبى الخروج ، بدأت بالبكاء كالأطفال كان ألمًا لا يطاق حرفيًا كانوا يقطعونني بالحياة ،
استمر شعوري بالألم ما يقارب الربع ساعة حتى فقدت وعيي من شدة الألم لحسن حظي .
بدأت أعود إلى وعيي شيئًا فشيئًا ، ألم فظيع أشعر به من بطني كأنهم استأصلوا مني شيئًا في تلك العملية المشؤومة ،
حاولت القيام من سرير لكني لم أقدر ، كنت متعبًا للغاية وجسدي لا يقوى على الحركة ،
جاء إلى أحد الأطباء بعده وقد كان طبيبًا يافعًا لم يبلغ من العمر حسب ما أظن خمسةً وعشرون عامًا ،
بدأ بالفحوصات الروتينية كقياس نبضات القلب وضغط الدم ثم قال لي بنبرة متعجرفة ولكن بلغة انجليزية سليمة :
مبارك لك لقد سرقت كليتك الأولى ، ومازلنا نحتاج جسدك لننظر ما الذي يصلح أن نسرقه هو الآخر ،
كل خلية في جسدي صعقت كان صدمة مهولة بالنسبة لي وكأن جسدي كله شل عن الحركة ،،
حاولت الرد عليه ولكني صوتي مازال محبوسًا ، ثم أردف قائلًا :-
رؤية وجهك المتألم ليلة البارحة ونحن نقوم بتشريح جسدك الهزيل دون تخدير كان شعورًا لا يقاوم ،
كانت تجربة ناجحة لنرى إلى أي مدى يستطيع الجسد البشري تحمل الجراحة دون ألم ولكنك للأسف
فقدت وعيك سريعًا مع التعود ستظل مستيقظًا أطول من ذلك إلى اللقاء ، وغادر مبتسمًا كأن شيئًا لم يكن .
كاد التفكير أن يقتلني إذا فقد كانت تلك المعاملة الملكية من أجل حصادنا والاستفادة منا ، لسنا سوى فئران تجارب عملياتهم القذرة ،
شعرت بالموت مرة أخرى يدنو من أكثر فأكثر ، لماذا لم أمت وأنا بالمعركة ،
لماذا لم يقبضني الموت قبل ذلك ، كشفت عن ذراعي لأرى الأرقام المنقوشة عليه ،
فعلًا لم أكن من البداية سوى فأر تجارب لا قيمة له ، دخل علي طبيب التحليل المعتاد ليأخذ عينات مني ،
كان الأمر مريبًا منذ البداية لماذا تلك التحاليل المتكررة ؟ ما الذي يمكن أن يتغير في أجسادنا كل يوم ؟
نعم نحن من البداية فئران تجارب ، يبدو أن طعامنا كان يحتوي على أدوية أو شيء من ذاك القبيل ،
فهمت لعبتهم الخبيثة من البداية ونحن مجرد لعب يتحكمون بنا متى شاؤوا ،
شعرت بالإعياء وأنا أتذكر تلك اللقيمات التي كنت أتناولها بسعادة وماهي إلى لقيمات مدسوسة بسم ليقتلنا ببطء ،
أعلنت بعدها اضرابي التام عن الطعام ، رفضت أكل أي شيء مما يقدم إلى من طعام فعرفوا أنني فهمت لعبتهم ، فبدؤاو يحقنوني بسمومهم مباشرة ،
ولكن يبدوا أن الأمر كان لمصلحتهم فبالمقابل بدل اجباري على الطعام أو حقني بالمغذيات منعوا عني الطعم نهائيًا ،
وكل ثلاثة أيام يعلقون لي بعض المحاليل لمدة نصف ساعة أو أقل فقط ثم ينزعونها عني ،
كانت أيامًا عصيبة للغاية ، كلما فتحت عيني كانت رؤية تنحسر أكثر وأكثر وأذناي لم تعودا تلتقطا من الأصوات أقل القليل ،
وكان الإعياء والصداع يلازماني طوال الوقت حتى أني حرمت النوم بسببهما ،
كدت أن أجن بلا طعام أو نوم ، فكنت أسرق من كل يوم أقل من نصف ساعة غفوة متقطعة ،
أفتح عيني فلا أرى إلا القليل حتى اسودت الدنيا بعيني تمامًا ،
لسبب ما لم يجروا لي عملية أخرى غير سرقة كليتي ، يبدوا أنهم أرادوا الاستفادة مني في مجال الأدوية والكيمياء .
بعد مرور ثلاثة أسابيع على فقداني لبصري فقدت معه وجودي وسمعي وادراكي وفصلت عن العالم فصلًا أكثر من ذي قبل .
وانقطعت زيارة الأطباء لي ، يبدوا أنهم شعروا أن لا جدوى من وجود فأر أعمى وأصم ، كانت نهايتي تلوح في الآفاق
أخذوني للمرة الثانية والأخيرة على حسب ما أظن إلى غرفة العمليات الكئيبة ،
يبدو أنهم أرادوا سرقة كل مكونات جسدي قبل وفاتي لم يكونوا بحاجة لربطي كنت مجرد جثة تتنفس
وبدؤوا بالعملية الثانية وعلى عكس المرة الأولى لم أشعر بأي شيء لم أعلم هل فقدت الشعور أم شللت ،
كانت أدويتهم فتاكة بجسدي الهزيل شعرت بقلبي الضعيف ينبض ببطءٍ وتثاقل وبدأت أنفاسي تتقطع والعرق يتصبب من جبيني ، أهذا هو الموت ؟!
يا مرحبًا ياعزيزي لقد كنت في انتظارك منذ أمد بعيد دعني فقط أودع ابنتي الجميلة إنها تقف أمامي برفقة أمها وجدتها ،
سامحيني يابنتي فقد غدوتي يتيمةً بسن صغير وأنت يا زوجتي لقد ترملت وأنت بعز شبابك ،
ويا أمي لم أكن أريد من الدنيا سوى أن أقبل جبينك ويديك وقدميك في لحظة الوداع تلك ،
سامحوني فقد نكل بي أيما تنكيل وظلمت أيما ظلم ، فالحرب حيث تجرد الإنسانية
من البشر ليستعبدوا بعضهم البعض كما الفئران لقد تم إعدامي منذ دخولي لتلك المشفة بل منذ أسري في تلك الحرب
لم يعد شرف الوطنأو كل هذا يهموني ، لم يعد للفوز بالحرب أو خسارتها أي قيمة فقد خسرت حياتي بالبطيء قبل ذلك،
ولكن جاء الإفراج الذي كنت في انتظاره وداعًا أيها العالم الظالم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفكم يامبدعين عساكم بخير إن شاء الله وما تشكون من هم أوغم
هذه تقريبًا اول قصة متكاملة لي من حيث الفكرة والكتابة وما سبق لم يكن إلا خواطر قصصية
لست كاتبة قصص بارعة ولكن أتمنى أن أكون وفق في كتابتها
شكرا لفعالية الجميلة مريم والهاماتها الرائعة
أتمنى تنوروني بردودوكم وتنتقدوني نقد صادق
دمتم بخير وفي أمان الله
#ملهم_الصورة_2 .
شكرًل للجميلة @Sonnenschein على تصميمها للطقم الرائع
التعديل الأخير بواسطة المشرف: