من هي سندريلا الحقيقية؟
في الواقع تعود قصة سندريلا إلى عصورٍ غابرة، وتحديداً إلى القرن السادس قبل الميلاد في مصر القديمة، حيث ذكر الجغرافي الإغريقي "سترابو" – الذي توفي عام 24 م – في موسوعته قصة الفتاة الإغريقية المصرية "رودوبيس"، كما ذكرها المؤرّخ "إيليان"– الذي توفي عام 235 م – في كتاباته.
لكن أوّلَ من حكا تلك القصة هو "هيرودوتس" المؤرّخ الإغريقي – الذي توفي عام 424 ق.م – نقلاً عن "إيسوب" الذي اشتُهر بتأليف القصص الخيالية، وفي القصة كان إيسوب يعمل كعبدٍ مع رودوبيس إلى أن تم بيعها في مصر لتاجرٍ يدعى "كاراكسوس" وهو شقيق الشاعرة "سافو". وتعتبر قصة رودوبيس المصدر الأساسي التي جاءت منه سندريلا كما نعرفها اليوم، ورغم اختلاف التفاصيل بينهما إلا أنه لا يخفى على أحدٍ أن أساس القصتين واحد.
"حكاية رودوبيس، ذات الخف الأحمر"
في الأيام الأخيرة لمصر القديمة، وقبل سنواتٍ قليلة من الاحتلال الفارسي، حكمها أحد الفراعنة والذي يدعى "أماسيس"، والذي أراد أن تكون مصر منيعةً قويةً ضد تهديد "كسرى" حاكم الإمبراطورية الفارسية الذي غزى كل البلاد المعروفة آنذاك. لذا أعلن عن ترحيبِ مصر بأيّ إغريقيٍ يأتي إليها للتجارة أو الإقامة فيها. كما خصّصَ مدينة للإغريق سُميت "نكراتيس".
وفي "نكراتيس" – قريباً من مصّبِ النيل – عاش تاجرٌ إغريقيٌ غنيٌ يدعى "كاراكسوس". كان موطنه الأصليُ في جزيرة "ليسبوس"، ولكنه قد قضى معظم حياته يعمل بالتجارة في مصر وحين تقدّم به العمر اختار أن يستقر في "نكراتيس".
في أحد الأيام بينما كان "كاراكسوس" يمشي في سوق المدينة رأى حشداً من الناس يتجمعون حول منصة بيع العبيد. وبدافعٍ من الفضول اقترب وشقّ طريقه وسط الحشد، ليجد أنهم ينظرون إلى جاريةٍ جميلةٍ واقفة على المنصةِ الحجريةِ لتباع. وقد دلّته بشرتها البيضاءُ وخداها المتوردان على أنها إغريقية بالتأكيد. حبسَ "كاراكسوس" أنفاسه، إذ لم يرَ في حياته جمالاً كجمال هذه الجارية.
وعندما بدأت المزايداتُ لشراء الفتاة أراد "كاراكسوس" شراءها، ولكونه من أغنى التجار في "نكراتيس" فقد نجح في ذلك دون عناءٍِ يذكر. وبعد أن صارت الفتاةُ مِلكاً له عرفَ منها أن اسمها "رودوبيس"، وأن قراصنةً قد خطفوها من موطنها شمالَ اليونان حين كانت طفلةً صغيرةً وباعوها لرجلٍ غنيٍ يملك الكثير من العبيدِ في جزيرة "ساموس"، حيث نشأت مع العبيد، ومنهم "إيسوب" – صديقها القبيحُ ضئيلُ الحجمِ – الذي كان لطيفاً معها واعتاد أن يحكي لها قصصاً وأساطيرَ عن الحيوانات والطيور والناس. لكنها حين كبرت وصارت جميلةً أرسلها سيدها لتباع في "نكراتيس" المدينة الثرية.
أصغى "كاراكسوس" إلى حكاية "رودوبيس" وأشفق عليها، وسرعان ما فُتن بها، فوهبها بيتاً جميلاً تتوسطه حديقة، ووصيفاتٍ يرافقنها ويخدمنها، وأغدق عليها بالهدايا من جواهرَ ثمينةٍ وملابسَ رائعةٍ، ودللها كما لو كانت ابنته.
وفي أحد الأيام حدث أمرٌ غريب. كانت "رودوبيس" في حديقتها المخبأة تسترخي في حوض الاستحمام رخاميِّ الأطرافِ ذي المياه الباردة، والوصيفات حولها يحملنَ ملابسها ويحرسنَ حزامها المزينَ بالجواهرِ وخفها الأحمرَ بلونِ الوردِ والذي كان المفضَّل عندها. وفجأةً حين بدا كل شيء هادئاً ومسالماً، ظهر نسرٌ في السماء الصافية ينقضُ نحو الأسفلِ وكأنه على وشكِ أن يهاجم المجموعةَ الصغيرةَ بجانب الحوض. أسقطت الوصيفاتُ الملابسَ أرضاً وهرعنَ صارخاتٍ للاختباء بجانبِ الأشجار، ونهضت "رودوبيس" من الماءِ ووقفت محدّقة بعينين واسعتين ذاهلتين.
لم يهتم النسرُ بأيّ منهن، إذ انخفض نحو الملابس ليمسك بإحدى فردتيْ الخفِ الأحمرِ بين مخالبه، ثم حلّق عالياً في الهواء بجناحيه العريضين وطار بعيداً نحو الجنوب فوق النيل. حزنت "رودوبيس" لخسارة الخف الأحمر، فقد أيقنت أنها لن تراه مجدداً وأَسِفت لضياع إحدى هدايا "كاراكسوس". بينما طار النسر نحو مدينة "ميمفيس" واتجه إلى القصر حيث جلس الفرعون "أماسيس" في حديقته الواسعة ليحكم بين الناس ويصغي لشكاواهم. هبط النسر وأسقط الخف الأحمر في حِجر الفرعون قبل أن يرتفع إلى السماء مجدداً.
صاح الناس بدهشة بينما رفع الفرعون الخف وتأمل بإعجابٍ دقة صنعه وصِغرَ حجمه، وشعر أن الفتاة التي تملك هذا الخف هي إحدى أجمل الفتيات بالتأكيد. تأثر الفرعون بما حدث فأصدر من فوره قراراً: (يذهب رُسُلي إلى كل مدن دلتا النيل، وإن دعت الحاجة، فيذهبوا إلى مصر العليا حتى أقصى حدود مملكتي. فليأخذوا هذا الخف الأحمر الذي جلبه إليَّ طائر "حورس" المقدّس، وليعلنوا أن صاحبة هذا الخف يجب أن تأتي إلى القصر لتكون عروس الفرعون).
فسجد الرسل له صائحين: (الحياة والصحة والقوة للفرعون! لقد أمر الفرعون وسيُنفّذ أمره). وهكذا انطلق الرُسُل من "ميمفيس" وطافوا مدن "هيليوبوليس" و"تانيس" و"كانوبس" حتى وصلوا "نكراتيس". هناك سمعوا عن التاجر الثري "كاراكسوس" وقصة الفتاة الإغريقية الجميلة التي اشتراها في سوق العبيد، وكيف ينفق عليها ثروته وكأنها أميرةٌ كلّفته الآلهة برعايتها. وهكذا ذهب الرسل إلى البيت الكبير بجانب النيل ليجدوا "رودوبيس" في حديقتها الهادئة بجانب حوض الاستحمام.
عندما رأت "رودوبيس" الخف الأحمر صاحت بدهشةٍ معلنةً أنه خفها. ثم مدت قدمها لتريهم أن الخف يناسبها تماماً، وأرسلت إحدى الوصيفات لتجلب الفردة الأخرى التي أبقتها "رودوبيس" كتذكارٍ لمغامرتها الغريبةِ مع النسر.
علِم الرسل أنهم أمام الفتاة التي أرسلهم الفرعون لإيجادها فانحنوا أمامها قائلين: "الإله فرعون "أماسيس" – له الحياة والصحة والقوة – يدعوكِ للمجيء إلى قصره في "ميمفيس" بأسرع ما يمكن. ستعاملين هناك بكل احترام، وستكون لكِ مكانةٌ عاليةٌ بين نسائه، إذ يعتقد الفرعون أن الإله "حورس" ابن الآلهة "آيزيس" و"أوزيريس" قد أرسل النسر ليحضر الخف للفرعون ليبحث عنكِ."
لم يكن بالإمكانِ عدم إطاعة أمرٍ كهذا، فودّعت "رودوبيس" "كاراكسوس"، الذي شعر بالرضى عن حظها السعيد وبالحزن لفراقها، وغادرت إلى "ميمفيس".
حين رأى الفرعون "أماسيس" "رودوبيس" سُلب لبّه بجمالها وأيقن أن الآلهة قد أرسلتها له، ولم يتخذها زوجةً له فحسب بل كذلك أعلنها الملكةَ والسيدةَ الحاكمةَ لمصر.
عاش الفرعون و"رودوبيس" معاً بسعادة بقية حياتهما وماتا قبل عامٍ واحدٍ من غزو "قمبيز" الفارسي لمصر.
وتوته توته فرغت الحدوته ^-^
في الواقع تعود قصة سندريلا إلى عصورٍ غابرة، وتحديداً إلى القرن السادس قبل الميلاد في مصر القديمة، حيث ذكر الجغرافي الإغريقي "سترابو" – الذي توفي عام 24 م – في موسوعته قصة الفتاة الإغريقية المصرية "رودوبيس"، كما ذكرها المؤرّخ "إيليان"– الذي توفي عام 235 م – في كتاباته.
لكن أوّلَ من حكا تلك القصة هو "هيرودوتس" المؤرّخ الإغريقي – الذي توفي عام 424 ق.م – نقلاً عن "إيسوب" الذي اشتُهر بتأليف القصص الخيالية، وفي القصة كان إيسوب يعمل كعبدٍ مع رودوبيس إلى أن تم بيعها في مصر لتاجرٍ يدعى "كاراكسوس" وهو شقيق الشاعرة "سافو". وتعتبر قصة رودوبيس المصدر الأساسي التي جاءت منه سندريلا كما نعرفها اليوم، ورغم اختلاف التفاصيل بينهما إلا أنه لا يخفى على أحدٍ أن أساس القصتين واحد.
"حكاية رودوبيس، ذات الخف الأحمر"
في الأيام الأخيرة لمصر القديمة، وقبل سنواتٍ قليلة من الاحتلال الفارسي، حكمها أحد الفراعنة والذي يدعى "أماسيس"، والذي أراد أن تكون مصر منيعةً قويةً ضد تهديد "كسرى" حاكم الإمبراطورية الفارسية الذي غزى كل البلاد المعروفة آنذاك. لذا أعلن عن ترحيبِ مصر بأيّ إغريقيٍ يأتي إليها للتجارة أو الإقامة فيها. كما خصّصَ مدينة للإغريق سُميت "نكراتيس".
وفي "نكراتيس" – قريباً من مصّبِ النيل – عاش تاجرٌ إغريقيٌ غنيٌ يدعى "كاراكسوس". كان موطنه الأصليُ في جزيرة "ليسبوس"، ولكنه قد قضى معظم حياته يعمل بالتجارة في مصر وحين تقدّم به العمر اختار أن يستقر في "نكراتيس".
في أحد الأيام بينما كان "كاراكسوس" يمشي في سوق المدينة رأى حشداً من الناس يتجمعون حول منصة بيع العبيد. وبدافعٍ من الفضول اقترب وشقّ طريقه وسط الحشد، ليجد أنهم ينظرون إلى جاريةٍ جميلةٍ واقفة على المنصةِ الحجريةِ لتباع. وقد دلّته بشرتها البيضاءُ وخداها المتوردان على أنها إغريقية بالتأكيد. حبسَ "كاراكسوس" أنفاسه، إذ لم يرَ في حياته جمالاً كجمال هذه الجارية.
وعندما بدأت المزايداتُ لشراء الفتاة أراد "كاراكسوس" شراءها، ولكونه من أغنى التجار في "نكراتيس" فقد نجح في ذلك دون عناءٍِ يذكر. وبعد أن صارت الفتاةُ مِلكاً له عرفَ منها أن اسمها "رودوبيس"، وأن قراصنةً قد خطفوها من موطنها شمالَ اليونان حين كانت طفلةً صغيرةً وباعوها لرجلٍ غنيٍ يملك الكثير من العبيدِ في جزيرة "ساموس"، حيث نشأت مع العبيد، ومنهم "إيسوب" – صديقها القبيحُ ضئيلُ الحجمِ – الذي كان لطيفاً معها واعتاد أن يحكي لها قصصاً وأساطيرَ عن الحيوانات والطيور والناس. لكنها حين كبرت وصارت جميلةً أرسلها سيدها لتباع في "نكراتيس" المدينة الثرية.
أصغى "كاراكسوس" إلى حكاية "رودوبيس" وأشفق عليها، وسرعان ما فُتن بها، فوهبها بيتاً جميلاً تتوسطه حديقة، ووصيفاتٍ يرافقنها ويخدمنها، وأغدق عليها بالهدايا من جواهرَ ثمينةٍ وملابسَ رائعةٍ، ودللها كما لو كانت ابنته.
وفي أحد الأيام حدث أمرٌ غريب. كانت "رودوبيس" في حديقتها المخبأة تسترخي في حوض الاستحمام رخاميِّ الأطرافِ ذي المياه الباردة، والوصيفات حولها يحملنَ ملابسها ويحرسنَ حزامها المزينَ بالجواهرِ وخفها الأحمرَ بلونِ الوردِ والذي كان المفضَّل عندها. وفجأةً حين بدا كل شيء هادئاً ومسالماً، ظهر نسرٌ في السماء الصافية ينقضُ نحو الأسفلِ وكأنه على وشكِ أن يهاجم المجموعةَ الصغيرةَ بجانب الحوض. أسقطت الوصيفاتُ الملابسَ أرضاً وهرعنَ صارخاتٍ للاختباء بجانبِ الأشجار، ونهضت "رودوبيس" من الماءِ ووقفت محدّقة بعينين واسعتين ذاهلتين.
لم يهتم النسرُ بأيّ منهن، إذ انخفض نحو الملابس ليمسك بإحدى فردتيْ الخفِ الأحمرِ بين مخالبه، ثم حلّق عالياً في الهواء بجناحيه العريضين وطار بعيداً نحو الجنوب فوق النيل. حزنت "رودوبيس" لخسارة الخف الأحمر، فقد أيقنت أنها لن تراه مجدداً وأَسِفت لضياع إحدى هدايا "كاراكسوس". بينما طار النسر نحو مدينة "ميمفيس" واتجه إلى القصر حيث جلس الفرعون "أماسيس" في حديقته الواسعة ليحكم بين الناس ويصغي لشكاواهم. هبط النسر وأسقط الخف الأحمر في حِجر الفرعون قبل أن يرتفع إلى السماء مجدداً.
صاح الناس بدهشة بينما رفع الفرعون الخف وتأمل بإعجابٍ دقة صنعه وصِغرَ حجمه، وشعر أن الفتاة التي تملك هذا الخف هي إحدى أجمل الفتيات بالتأكيد. تأثر الفرعون بما حدث فأصدر من فوره قراراً: (يذهب رُسُلي إلى كل مدن دلتا النيل، وإن دعت الحاجة، فيذهبوا إلى مصر العليا حتى أقصى حدود مملكتي. فليأخذوا هذا الخف الأحمر الذي جلبه إليَّ طائر "حورس" المقدّس، وليعلنوا أن صاحبة هذا الخف يجب أن تأتي إلى القصر لتكون عروس الفرعون).
فسجد الرسل له صائحين: (الحياة والصحة والقوة للفرعون! لقد أمر الفرعون وسيُنفّذ أمره). وهكذا انطلق الرُسُل من "ميمفيس" وطافوا مدن "هيليوبوليس" و"تانيس" و"كانوبس" حتى وصلوا "نكراتيس". هناك سمعوا عن التاجر الثري "كاراكسوس" وقصة الفتاة الإغريقية الجميلة التي اشتراها في سوق العبيد، وكيف ينفق عليها ثروته وكأنها أميرةٌ كلّفته الآلهة برعايتها. وهكذا ذهب الرسل إلى البيت الكبير بجانب النيل ليجدوا "رودوبيس" في حديقتها الهادئة بجانب حوض الاستحمام.
عندما رأت "رودوبيس" الخف الأحمر صاحت بدهشةٍ معلنةً أنه خفها. ثم مدت قدمها لتريهم أن الخف يناسبها تماماً، وأرسلت إحدى الوصيفات لتجلب الفردة الأخرى التي أبقتها "رودوبيس" كتذكارٍ لمغامرتها الغريبةِ مع النسر.
علِم الرسل أنهم أمام الفتاة التي أرسلهم الفرعون لإيجادها فانحنوا أمامها قائلين: "الإله فرعون "أماسيس" – له الحياة والصحة والقوة – يدعوكِ للمجيء إلى قصره في "ميمفيس" بأسرع ما يمكن. ستعاملين هناك بكل احترام، وستكون لكِ مكانةٌ عاليةٌ بين نسائه، إذ يعتقد الفرعون أن الإله "حورس" ابن الآلهة "آيزيس" و"أوزيريس" قد أرسل النسر ليحضر الخف للفرعون ليبحث عنكِ."
لم يكن بالإمكانِ عدم إطاعة أمرٍ كهذا، فودّعت "رودوبيس" "كاراكسوس"، الذي شعر بالرضى عن حظها السعيد وبالحزن لفراقها، وغادرت إلى "ميمفيس".
حين رأى الفرعون "أماسيس" "رودوبيس" سُلب لبّه بجمالها وأيقن أن الآلهة قد أرسلتها له، ولم يتخذها زوجةً له فحسب بل كذلك أعلنها الملكةَ والسيدةَ الحاكمةَ لمصر.
عاش الفرعون و"رودوبيس" معاً بسعادة بقية حياتهما وماتا قبل عامٍ واحدٍ من غزو "قمبيز" الفارسي لمصر.
وتوته توته فرغت الحدوته ^-^