سجن اطلنطا – حصن الفيل الأبيض
وسط النار المشتعلة في ممر الحصن العريض وقف الساحر امام جثة التوفان التي بدأت بالتآكل إثر السائل الأحمر المسود الذي غطى جسده
يسير سادلر نحو الساحر من الخلف ليقول باستهزاء : تلك هي نهاية كلب شيغينو المشرد .. يا لها من عاقبة سخيفة ..
يزفر الساحر بزفير طويل لتختفي النيران المشتعلة من حوله كأن رياح عاتية قد اخمدتها
سادلر: سيدي.. اريد سؤالك عن أمر ما ..
يلتف الساحر نحو سادلر جزئيا مشيرا له بطرح السؤال
سادلر: لقد كان بإمكانك امساك اثنين من رموز التنين ، لماذا تركتهم يهربون واخترت قتل توفان .. كونك تستطيع قتله متى ما اردت
يرمق الساحر سادلر بعينه الحمراء ليقول قاصدا فالكون : ذاك المومياء كان ضحية راي
سادلر : ماذا عن الصبي ؟
الساحر : على الأرجح ... كان ضحية المحارب ، نمطه كان واضحا
سادلر : ألا يجدر بك الإمساك به؟ ، سيكون المحارب مدينا لك بالكثير
يلتف الساحر نحو مخرج الحصن ليسير إليه متعكزا بعصاه
يهتف الساحر في مسيره بعد صمت طويل : اولويتنا هي إيجاد السجين صفر .. وليس تنظيف فوضى الرامي ..
يلتف في حين سيره الى سادلر ليرمقه بنظرة اقشعرت لها انامل سادلر: كما انني لا احتاج جعل كائنٍ من كان مدينا لي
في مكان آخر
على بعد كيلو مترات قليلة من جدران السجن الاطلنطي يسير يون وآيرس رفقة فالكون و كيون و ألباتروس و زاهين بإرهاق وعطش شديد في وسط صحراء اونتانا ذات الرمال البيضاء
آيرس لاهثا : هل انت بخير يون ؟
يون بإبتسامة برزت بين عرقه المتصبب من وجهه : بخير بما يكفي لمواصلة السير
يسير فالكون بصعوبة اثر غوص قدميه في الرمال في كل خطوة يخطوها
فالكون : إذن .. ألن تخبرنا من أنت ولماذا كان ذلك العجوز يثق بك بشكل خاص
زاهين : انا ؟ توفان صديق زنزانة قديم ، في الحقيقة منذ طفولتي لم ابتعد عن السجن الا في مرات قليلة
ألباتروس: أتقصد بأنك استطعت الهرب في السابق ؟
زاهين : كدت في اكثر من مرة ، ولكن لم استطع الإفلات منهم بشكل كامل بتاتا بفضل كلاوديو الذي كان يستطيع اللحاق بي في كل مرة بحصانه المرعب ذاك
كيون : لقد حالفنا الحظ حقا هذه المرة ، هروبنا من ذلك الجحيم دون تعذيبنا او حبسنا لفترات مديدة لهو حقا معجزة
زاهين متعكزا بعصا احدى حرس السجن في سيره : انت مخطئ ..
فالكون مبرزا شفتيه من خلف الضمادات : اتقصد اننا خرجنا بقوتنا الخاصة ؟
زاهين : لا ... بل الخطأ في قوله بأننا هربنا
ألباتروس : مالذي تعنيه ؟ احدهم يلحق بنا؟
كيون : إن علم ذلك المدرع الضخم بهروبنا سيلحق بنا في لا زمن
زاهين : الامر لا يتعلق بلحاقهم بنا أيضا ... الامر ببساطة هو كوننا لم نخرج من السجن بعد !
فالكون : انت .. ابدأت بالهذيان بسبب العطش ؟ ام هي ضربة شمس قد باغتتك؟
يسقط آيرس في حين سيره ارضا ليرفع قدميه و يمسك بهما بألم
يون : آيرس ! هل انت بخير؟!
آيرس معاودا النهوض : لا تقلق ، حرارة الرمال فقط تمكنت مني... لم أتخيل وجود مكان بهذه الحرارة على هذه الأرض
كيون هامسا الى فالكون : انا حقا ممتن بأن الصبيان قد احتفظوا برباطة جأشهم رغم كل ما حدث ، ولكن يبدو انهم على وشك الانهيار
فالكون بسخرية : هه وجه كلامك هذا الى عمدتنا الاخرق ، يستمر بإرسالهم الى مهمات خارج القرية
تبدأ الأرض بالاهتزاز بهزات خفيفة تنفض حبات الرمال عن الكثبان مخلة بتوازن الجميع
زاهين : انتبهوا! انه قادم!!!!!
فالكون : مالذي تعنيه ؟!
زاهين مسرعا نحو الكثبان الرملية العالية : إتبعوني! بسرعة!
يهرع ألباتروس ليحمل معه كل من يون و آيرس تابعا مسار زاهين نحو الكثبان المرتفعة رفقة فالكون وكيون
يقف زاهين على قمة احد الكثبان بنظرات استطلاعية ملأها القلق
يصل البقية خلفه بنظرات ملأها التساؤل
تنفجر الأرض الرملية خلفهم ليلتفوا جميعا في آن واحد ويشهدوا بأعينهم رمال الصحراء تتفجر كالبركان مظهرة في قلبها جسدا مظلما اصدر صوتا كصوت التجشؤ الحاد و الثقيل
يون بعينين غير مصدقتين : ما هذا بحق السماء ...؟
زاهين : إنه من كنت اتحدث عنه قبلا ...
تنتثر رمال الصحراء المتبعثر ارضا ليبزغ خلفها دودة ضخمة ذات رأس كبير الفاه مليء الاسنان والانياب الحادة التي يسيل منها اللعاب
زاهين : الحارس الأخير للسجن الاطلنطي .. أسكارس!
في مكان آخر
معبد هورايزون
العاشرة ظهرا
يقف رايزو رفقة رامبو على جانبي بوابة المعبد بملامح ملأها النعاس إثر سهرهما طول الليل بلا هوان
يغفو رايزو على جدار المعبد الحجري ليصرخ عليه رامبو بغضب
رامبو : أتغفوا تاركا مئات السكان في خطر محدق بسبب كسلك ؟!
رايزو مفيقا : لا أزال مفيقا فلا تصرخ علي هكذا !
تتحرك شجيرات بعيدة من المعبد ليلاحظها رامبو
يشهر رامبو مسدسه نحو الأشجار ليقول بوضوح : اخرج ! ، اعلم انك تختبئ
يخرج ليسوثو من بين الشجيرات بوجه المصبوغ بالحبر الأسود والاحمر كالجوكر وبملابسه الملتوية الغريبة التي اثارت تعجب الاخوين
رايزو بتردد : من من من من انت ؟؟
يسير ليسوثو نحوهم بهوادة قائلا : انا حقا لا اصدق ان ذلك العجوز جعل بقية سكان قريته في عهدتكما
رامبو مهددا : لا تقترب اكثر والا اطلقت ! ، من انت وما هي اهدافك ؟
ليسوثو رافعا كلتا يديه : ارجوك اخفض سلاحك لا اقصد الايذاء او شيء من هذا القبيل (مسدس .. في القارة الاطلنطية ؟)
رامبو : عرف عن نفسك إذن !
ليسوثو : أنا ليسوثو ، مبعوث من مدينة رستون ، أتيت لإيواء سكان يورا الى المدينة المدفونة حيث ستتم معاملتهم بكل كرم و احترام
رايزو مبتهجا : حقا!!
رامبو شادا على مسدسه : لا ليس بعد ، لا تصدق مثل هذه الالاعيب رايزو ، هذا الرداء وتلك الابتسامة المبتذلة ، كيف تريد منا الثقة بك؟!
يظهر هورايزون خلف رايزو و رامبو ليضرب رأسيهما بخفة قائلا: تستطيعون الثقة به أيها الرضيعان
يهتف رايزو ورامبو باسم هورايزون بابتهاج
ليسوثو مستنكرا: أتبعتني ؟
هورايزون واضعا يديه خلف ظهره : اعتقدت بأن الرضيعين لن يثقا بك
رامبو : إذن هل ما قاله عن-
هورايزون : سأشرح لكما الامر لاحقا ، اتبعوني
يدخل هورايزون المعبد ليتبعه كل من رايزو و رامبو رفقة ليسوثو الذي استمر بالنظر للتماثيل بتعجب و اهتمام
يبدا ليسوثو بملاحظة السكان الذين توزعو على انحاء المعبد باعداد تراوحت بالمئة الى المئتين
ليسوثو : سيكون نقلهم مرهقا ، ألا يمكننا استخدام العربات ؟
هورايزون : لا تدخل الخيول هذه المنطقة ، إنها قريبة من الجبل
يتوجه هورايزون الى مبنى حجري صغير في المعبد ليدخله
يتبعه البقية ليجدوا فيه درجا مؤديا الى الأسفل
يبدا هورايزون بالنزول قائلا : أولوية النقل لمن هم هنا لا من هناك
ينزل الجميع حتى يجدوا غرفة فسيحة مليئة بالاتربة أنارها شعاع الشمس العابر خلال شقوق صغيرة في السقف قد وضع فيها كل من غايزر الجريح بجروح بليغة وسورين الغائبة عن الوعي رفقة رانجو الذي عانا حروقا خطيرة في منطقة الصدر و البطن
ليسوثو : مقاتلو ايورا .. هل انا مخطئ ؟
هورايزون : لا لست مخطئا ، يجب علينا نقلهم أولا ليتم علاجهم ، صغار مزعجون
تشد انظار ليسوثو الكتابات التي على الجداران ليبدأ بقراءتها باهتمام
هورايزون بملامح أظهرت بعض المفاجأة : أنت .. اتستطيع قراءة اللغة الاطلنطية القديمة ؟
ليسوثو بهدوء وتركيز : بشكل جزئي فقط
يمرر ليسوثو عينيه على الكتابات ليجد بينها جملة قد ميزها بين البقية ، جملة قد حفرت في ذاكرته جيدا
يجثو ليسوثو على الأرض فجأة ممسكا برأسه بينما كان يتألم إثر صداع مبرح قد باغته
رامبو : أنت ! هل انت بخير ؟؟
يتقيء ليسوثو على الأرض بينما يتشنج جسده على الأرض وكأن المنية تباغته
يقف هورايزون صامتا بينما يوجه نظرات الاهتمام نحو ليسوثو مفكرا : (يعرف قراءة اللغة الاطلنطية القديمة ، وردة الفعل هذه ....)
رايزو مقدما بعض الماء: هاك بعض الماء قد تتحسن إن فعلت
يهدأ ليسوثو فجأة ليشير ليسوثو بيده قصد الكفاية فينهض ماسحا بقية القيء على ذقنه
ليسوثو : اعتذر .. انها نوبة قد اعتد عليها تأتي إلي في بعض المناسبات
رامبو: هل انت متأكد ؟
هورايزون : دعك منه ، لا وقت لدينا لسؤاله اكثر عن هذا
ليسوثو : انت على حق ، الشمس على وشك الانتصاف في السماء اعتقد ان لارا و البقية قد أمنو الطريق بالفعل
هورايزون : جيد ، فلا نية لدي بحمل احد الصبيان مرة أخرى فهذا مزعج لظهري ، قومو بسؤال من هو بصحة جيدة من السكان ليساعد في نقل المصابين
ليسوثو : بالفعل ذلك سيسرع عملية النقل بشكل جيد ، لنبدأ
في مكان آخر
سجن اطلنطا
حصن القلعة الفضية
غرفة العميد
في وسط غرفة كلاوديو المصمتة الفارغة كان كلاوديو قد استمر في كتابة تقارير السجناء واكمال أعمالهم الورقية بينما كان جيماتا المقابل له ينتظر بملل على الكرسي مقلما اظافره بأسنانه دون ان يعلم كليهما بهروب السجناء
جيماتا: ( كتابته بطيئة ، كما انني استطيع معرفة ذلك من حركة يده ، لديه إصابات تمنعه من فعل حركات دقيقة بشكل سريع كالكتابة او العزف .. )
يرفع كلاوديو رأسه المدرع فجأة منتبها لشيء ما قد لفته
يقف بسرعة بوقفة كانت اشبه بوقفة عسكرية ملأها الحزم ليقف بعده جيماتا متسائلا عما دعاه للوقوف
كلاوديو بصوت ثقيل : إنه هنا
يلتف جيماتا نحو الباب ليراه يفتح مظهرا خلفه كهلا عجوزا طويل اللحية بقلنسوة رمادية وعصا خشبية ثخينة الرأس يتعكز عليها
يدخل الغرفة ليملأ قلب جيماتا الخوف و التوتر إثر الهالة التي كان يستشعرها من حضوره
جيماتا غير قادر على التنفس بانتظام : (لا شك في هذا ... إنه الرئيس!)
يتقدم الساحر متعكزا ليقف أمام جيماتا مباشرة
جيماتا: ( لا استطيع تحريك قدماي .. )
يمد الساحر يده الى جيماتا قائلا : اعتذر لجعلك تنتظر ، أنت من جلب سجناء العاصمة الى هنا اليس كذلك ؟
يصافح جيماتا الساحر بتردد ليقول بصوت مبحوح: انه لشرف لي لقاؤك سيدي .. ، أنا جيماتا قائد فرقة العمليات الخاصة
كلاوديو منحنيا: تسعدني عودتك سيدي
الساحر: عمل جيد بإيصالهم الى هنا بسلاسة أيها الشاب جيماتا ، ولكن لا افهم بقاءك هنا بعد تسليمهم
جيماتا : في الحقيقة ..
يخرج جيماتا من جيب سترته رسالة راي قائلا : لقد أمرني أميري بإيصال هذه الرسالة إليك
الساحر : ولم يكن كلاوديو كافيا لاستلام هذه الرسالة ؟
جيماتا بتردد: كلمات أميري كانت واضحة .. لقد قال بأنك الوحيد الذي يستطيع قراءتها او استلامها
يأخذ الساحر الطرد من يد جيماتا ليفتح الرسالة بهدوء
جيماتا: ( تلك الرسالة فارغة .. كيف سيستطيع فهم مغزاها بحق السماء ؟ )
يقلب الساحر الرسالة ليفحصها بحرص
الساحر مظهرا عينه الحمراء من خلف القلنسوة : هل قرأتها؟
تجتاح جيماتا موجة خوف شلت حركته وألزمته بتوجيه نظره الى الأسفل
جيماتا محافظا على رباطة جأشه : أمرني سيدي الامير بعدم قراءتها وهذا ما فعلته ..
الساحر : هكذا إذن ...
تحترق الرسالة في يد الساحر لتتحول الى رماد
الساحر : أبلغ أميرك بالتالي
يقترب الساحر ليوجه نظره مباشرة نحو جيماتا الذي استمر بالنظر الى الأرض بتوتر شديد
الساحر : أخبره بأن احد أصابعه قد أصبحت عفنة ...
جيماتا معاودا النظر نحو الساحر: عفوا ؟
كلاوديو : اخبره بذلك وحسب ، ما قاله سيدي واضح
جيماتا مترددا : فهمت ( أحد أصابع الأمير عفنة ؟ ، مالذي يعنيه هذا بالضبط؟ )
الساحر : تستطيع الرحيل ، خيولكم جاهزة في الاسطبل الرئيسي في الباحة الامامية مقابل المبنى الرئيس
جيماتا بتعجب : حقا ! هل انتهى عملنا بالفعل؟
كلاوديو : عملكم كان إيصال السجناء الى هنا فحسب ، إن لم يكن أميركم قد أمركم بشيء آخر فلا مكان هنا لكم
جيماتا : ( شيء يبدو خاطئا ... لماذا اشعر بأن شيء ما مفقود ، يبدو بأن التشاؤم قد ملأني فلم استطع تخيل سوى أسوأ السيناريوهات الممكنة .. )
جيماتا مغادرا : إذن استمحيكم عذرا !
ينحني جيماتا ليغلق الباب خلفه تاركا الساحر رفقة كلاوديو وحدهما
كلاوديو بحماس : هل امسكته؟!
الساحر ببرود : لا ... افلت مني هذه المرة ، فقدت اثره عند حدود العاصمة
يشد كلاوديو ذراعه لتبدأ دروعه بالصرصرة إثر عضلاته المفتولة
كلاوديو متنهدا : إذن سيدي ، هل رأيت رمز التنين ؟
الساحر : نعم ... توفان كان برفقتهم ... قمت بقتله
كلاوديو غير مصدق : قتلته ؟ ... ذلك العجوز العنيد ، لا يصدق ...
كلاوديو : هل كان يحاول تهريبهم ؟
الساحر بنبرة لم تبدي ادنى اهتمام : نعم .. وقد نجح بذلك
كلاوديو متفاجئا : مالذي تقوله !!
الساحر : اهدأ
كلاوديو مزمجرا : كيف تريد مني ذلك سيدي! ، لن اسمح لهم بالابتعاد !
يهرع كلاوديو جهة الباب ليضرب الساحر بعصاه الأرض
الساحر مخرجا هالته : اهدأ...
يتجمد كلاوديو في مكانه ليلتف ببطء قائلا : حاضر ...
الساحر : اولويتنا هي إيجاد السجين صفر لا رمز تنين لا يخصنا
الساحر مبرزا عينيه : كما انهم لا يزالون في الصحراء
كلاوديو : ولكن إن ابتلعتهم أسكارس سوف ...
الساحر : إن ابتلعتهم سيأتي من يرثها بعدهم ...
الساحر قابضا يده : وإن نجو منها ، سيكون القدر من يلعب لعبته .. كما قال الآمر مرة في غابر الزمان ..
في مكان آخر
صحراء اونتانا
يقف يون ومن معه امام وحش دودي كاسر يوجه فاهه الضخم ذو الاسنان الحادة نحوهم مستعدا للانقضاض
كيون متوترا : سيد زاهين ما هذا بحق الجحيم ؟!
زاهين : لا وقت لدي للشرح !! ابتعدو ستنقض!!
تنقض الدودة الضخمة مصدرة صوت ضجيجها العالي فيقفز الجميع مبتعدين عنها حيث غطست في كثبان الرمال ناثرة الغبار في كل مكان
آيرس مغطيا وجهه : انها كالعاصفة الرملية
ينادي زاهين في وسط العاصفة الرملية قائلا : تلك طريقتها لجعل صفوفنا تختل !!
كيون مناديا : يون آيرس هل انتم بخير
يون مغطيا وجهه : (استطيع سماع عمي كيون ولكن لا اعلم ما يقول...)
زاهين : ( تبا ، قال لي توفان بأنها مزعجة الى النخاع ولكن لم اعتقد ان تكون بهذا الازعاج)
تهدأ العاصفة الرملية ليشهدو الدودة بطولها الفارع الذي بلغ عشرين مترا قد وجهت رأسها الى السماء متجاهلة الجميع
يبحث كيون عن يون وآيرس ليجدهم على يساره بعدة امتار
يسعل زاهين إثر الغبار ليقف فالكون جانبه قائلا : لديها استراتيجية مزعجة
يفزع يون قائلا : آيرس! أين ألباتروس؟!!
ينتبه الجميع ليبحثو حولهم فلا يجدو ألباتروس في أي مكان
فالكون : هل دفن تحت الرمال –
يلاحظ فالكون ملامح زاهين الفزعة التي وجهها نحو الدودة التي استمرت بالانتصاب الى الأعلى دون تحرك
زاهين : تلك الوضعية ...
زاهين مبتلعا ريقه : لقد تم ابتلاعه...
كيون غير مصدقا لما سمع : هل انت جاد ..
يرتجف يون لهول ما سمع ليقول: ألباتروس .. ألباتروس قد ..
يسمع الجميع صراخ اجوف قد تردد صداه في جوف الدودة
يشتد انتباه الجميع الى الدودة التي بدأت بتلويح رأسها يمنة و يسرة ليلاحظ يون بين أسنانها ظل رجل قد قاوم فكها الدائري الكاسر
يون مبتهجا : ألباتروس حي!!
تقلص الدودة حجم فمها محاولة عصره بين اسنانها الحادة بينما كان ألباتروس يقاوم بعضلاته و قوامه المفتول قوة ضغطها
زاهين مرتديا قفازاته : ألباتروس اصمد ريثما اضبط قفازاتي ! ، حاولو التضييق عليها قدر الإمكان
كيون : فالكون!
فالكون منطلقا نحو جسد الدودة المنغرس في الأرض
فالكون : أعلم !
كيون: ( مع حرارة هذه الصحراء ينبغي لفالكون بأن يكون قد استعاد بعضا من طاقته المفتاحية)
يقفز فالكون لتلتهب يده خلف الضمادات
فالكون : لكمة النيزك !
يضرب بلكمته جسد الدودة لتتلوى مرخية ضغط فمها على ألباتروس ليسقط ألباتروس مبتعدا عنها هاويا نحو الأرض
زاهين ضاما يديه : حان الوداع !
يبعد يديه عن بعضهما لتظهر خيوط حادة بين اطراف أصابع قفازاته
كيون : تلك ...
تصدر الدودة صوت تجشئ ثقيل لتشن هجوما مفائجا نحو زاهين بسرعة عالية
كيون : تلك الدودة ! لديها غريزة فورية للخطر المحدق بها
يبقى زاهين واقفا بثبات و هدوء تامين لتجتاح الدودة الكثبان الرملية مبتلعة زاهين وناثرة شلالات من الرمال في كل مكان
كيون : زاهين!!
تنتصب الدودة الى الأعلى لتبتلع زاهين الى جوفها
يون محاولا النهوض ليهرع الى جسد الدودة دون تفكير : يجب أن ننقذه!-
يمسك آيرس بمنكب يون ليمنعه من التقدم قائلا :انتظر ، لم ينتهي امر زاهين بعد ..
يلاحظ يون و البقية خطوطا حمراء بدأت بالظهور تدريجيا على طول جسد الدودة المنتصب
فالكون مبتسما : قفازاته تلك مرعبة حقا ..
تتقطع الدودة فجأة الى قطع عديدة ناشرة مطر من الدماء يهطل على يون و البقية
آيرس ممسكا بأنفه : رائحة دمائها نتنة حقا
يون : ولكن .. دماؤها باردة حقا ..
يخرج زاهين بين احشاء الدودة بجسد مغطا بدماء الدودة قد منحه منظرا مخيفا
كيون : ( ذلك الرجل ... ما قصته بحق السماء..)
ينهض ألباتروس من تحت الكثبان الرملية بجسده المغطى بثقوب احدثتها اسنان الدودة
يجتمع يون و البقية حول ألباتروس
فالكون : لديك قدرة جسدية هائلة .. لقد أثرت اعجابي
ألباتروس بوجه متوكع إثر الألم : أشكرك على مديحك .. ولكن الأهم من ذلك ...
كيون محدقا بالكثبان الرملية التي أحاطت بهم من كل مكان : كيف سنستطيع إكمال الرحلة ..
آيرس : سيد زاهين ... كم يوما سيستغرق منا الامر لعبور هذا الجحيم
يستمر زاهين بالتحديق بجثة الدودة دون ان يعير اهتمامه لآيرس
كيون : هل هناك خطب ما زاهين ؟
زاهين بوجهه المغطى بالدماء : لا ... لا شيء بالتحديد ...
يسير زاهين جهة الشرق قائلا : ضعو اقدامكم في أحشائها قبل ان نكمل المسير .. سيمنحكم ذلك تحملا افضل لحرارة الأرض بسبب برودة جسدها من الداخل
فالكون : يا له من مخلوق غريب. .
يسير فالكون و البقية الى الدودة لتطبيق ما سمعوا من زاهين بينما كان الأخير يحدق باحشاء الدودة ثانية سارحا في تفكيره الخاص
زاهين : ( شيء ما خاطئ ... لطالما قال لي توفان عن معاركه معها ، لطالما انزعج من إصرارها وعدم استسلامها عن اللحاق به ، هل أصبحت بهذا الضعف مع الوقت ؟ ، لماذا لم يستطع توفان قتلها كما فعلت بسهولة ... )
زاهين مصففا شعره الى الخلف : ( شيء ما خاطئ ... )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معلومات عامة
لا تمتلك دودة الاسكارس الضخمة حركة معوية تساعدها على الهضم لذلك تنتصب الى الأعلى لتترك ذلك العمل الى الجاذبية الأرضية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في مكان آخر
العاصمة الملكية روزنبيول
القلعة الملكية
المشفى العسكري
يدخل كاساندرا بردائه الأبيض المعلم بصليب من السلاسل في ظهر الرداء بينما كان يصفر كعادته عندما يمشي وحيدا
يسمع كاساندرا ضجة قد أتت من جناح التنويم جعلت كل الممرضات يهرعن الى الجناح بارتعاب وتوتر
يهتف كاساندرا الى ممرض بجانبه : ما قصة هذه الجلبة ؟
الممرض : س س سيد كاساندرا !! لم انتبه لوجودك ، تقبل اشد اعتذاري!!
كاساندرا متنهدا : لا تهتم بذلك وقل لي مالذي يحدث هنا؟
الممرض: مريض قد اتى به صاحب الحانة المجاورة بضربة شديدة في الرأس ، قال لي بأن المريض تحت رعاية الفارس الأبيض كاساندرا
كاساندرا : اوه ، ذلك الصبي الذي هاجم سيكو في الحانة
يبتسم كاساندرا قائلا : يبدو مثيرا للاهتمام ذلك الصبي
يسير كاساندرا تجاه جناح التنويم الذي كان على يساره ليناديه الممرض بخوف
الممرض: سيدي .. ألست هنا من اجل عينيك ؟
كاساندرا مكملا سيره : دانيال ليس هنا بعد الان ، هذا يعني بأن المشفى خالٍ مِمن يستطيع مساعدتي ، أتيت هنا فقط للزيارة
داخل جناح التنويم
يصرخ الشاب الذي قيده عدة جنود وحراس قد سمعو الصراخ من الثكنات المجاورة بينما كان يحاول التحرر منهم
يدخل كاساندرا بطوله البالغ المترين الى غرفة التنويم التي امتلأت بالضجيج ليتوقف جميع الحراس عن تقييد الشاب غير مصدقين لحضوره امامهم
الشاب : انت .. ذلك الرجل من الحانة
يمسك احد الحراس برأس الشاب ليضرب به ارضا ليتبعه جميع من كان في الغرفة بالانخفاض الى كاساندرا معتذرين عما بدر منهم
يهتف احد الحراس بتوتر :إقبل اعتذارنا الشديد سيدي ، لم نقصد إزعاج حضرتك او تعكير صفو مزاجك
كاساندرا: دعوه و شأنه واتركو الغرفة ، اريد الحديث مع الشاب وحدنا
يترك الحارس راس الشاب ليخرج ومن معه خارج الغرفة بانصرام و احترام
يقترب كاساندرا لينخفض نحو الشاب قائلا : هل أصبت ؟
ينهض الشاب فجأة ليحاول لكم كاساندرا
يمسك كاساندرا لكمته بينما كان يبتسم بشكل أوحى بتوقعه لتلك اللكمة
كاساندرا : ما اسمك ؟
يبتعد الشاب خطوتين الى الوراء قائلا : اسمي دانتي
كاساندرا : دانتي إذن ، لما لا تستريح على السرير قليلا ، لا يريد كلانا ان تتسبب بالمزيد من الفوضى ..
يرتاب دانتي من ابتسامة كاساندرا الباردة ليتراجع الى السرير مسترخيا عليه
دانتي : مالذي تريده مني ؟ هل تريد الانتقام لما فعلته بصديقك ؟
كاساندرا مستندا على الجدار: في الحقيقة العكس تماما ، اريد شكرك .. بفضل ضربتك تلك استطعت ايقاضه ، سيكو يفقد وعيه تماما عند الشرب
دانتي : إذن مالذي يجعل رجلاً يحمل مرتبة رفيعة يضيع وقته هنا بمحادثة صبي مثلي؟
كاساندرا: قصة رفيقتك تلك التي قضت نحبها في المهرجان قد حازت على اهتمامي ، اريد الاستماع الى ما تحمل في جعبتك ، مالذي جعلك تقطع طريقا طويلا من الجنوب الى هنا ؟ أحقا تريد فقط الانتقام لأجل رفيقتك ؟ ام هو امر اخر؟
دانتي مغتاضا : علمك بكوني جنوبيا تعني معرفتك بكوني أتبع معبد رياضة البوكيني
كاساندرا : بالفعل ..
دانتي : هذا سيجعل شرح الأمور اكثر بساطة ..
دانتي مخفضا بصره الى قدميه : في معبدنا الذي يعتبر الأكبر من نوعه في الجنوب الواقع في مدينة اينتروبي ، بزغت طالبة كانت تعتبر عبقرية جيلها ، لقد كانت اكبر مني سنا ، معلمتي و صديقتي المقربة
كاساندرا : افترض بأنك تتحدث عن ..
دانتي موجها نظراته التي بدأت بإظهار الحزن : نينا .. كان اسمها نينا ، لم أستطع هزيمتها في أي جولة ، كانت تستطيع قطع انياب الفيلة بأقدامها
كاساندرا مظهرا تعاطفه : يبدو بأنها كانت كنزا تعتزون به حقا
دانتي قابضا ليديه بغضب : صحيح .. كنزا سلبتموه منا ..
كاساندرا : مالذي تعنيه ؟
دانتي: ارادت نينا فقط مساعدتنا ..
دانتي : مدينتنا انتروبي لا تقوم بتمويل او الاعتناء بمعبدنا بأي شكل من الاشكال .. عندما سمعنا عن المهرجان وعن شائعات الثمن المستحق للكرة الزجاجية هرعت نينا دون تفكير الى هناك ، وثق بها رئيس المعبد العجوز لجلب الجائزة كونها كانت أمل العجوز في إنماء هذه الرياضة الى افاق اكبر ... ولكن ...
كاساندرا : فهمت ..
يبتسم كاساندرا ليهتف باستخفاف : انت احمق حقا
يتملك الغضب ملامح دانتي ليقف من سريره بتهجم قائلا : ماذا تقول؟!
كاساندرا بنبرة من الحزم اخرست داني: أليست من قررت بنفسها الذهاب رغم علمها بالمخاطر؟
يصمت دانتي لوهلة متفاجئا
كاساندرا : كصديق و تلميذ اصغر منها يجب عليك احترام ما حاولت فعله وماتت لاجله
دانتي عاضا على شفتيه : كيف تريد مني الصمت هكذا ، لقد ماتت .. معبدنا لا زال متهالكا .. الا يمكنك الشعور ولو قليلا بما اشعر به؟
كاساندرا : لا يمكنني ... ولا يمكنني أيضا ان اعيد الموتى الى الحياة ، ولكن بالنسبة الى معبدكم الذي تتحدثون عنه
يخرج كاساندرا من جيب معطفه الداخلي ظرفا مبروزا
يتجه به الى طاولة تمريض قريبة ليلتقط منها قلما فيبدأ باستخدامه للكتابة على الظرف بينما كان دانتي محدقا دون فهم أي شيء
يفرغ كاساندرا من الكتابة ليرمي الظرف الى دانتي الذي التقطه بدوره ببراعة
دانتي : هذا ؟..
كاساندرا : اطلع على ما كتب فيه بنفسك
يطالع دانتي صكا كتب بخط كاساندرا الرفيع حاد الزوايا حيث احتوى الصك على مبلغ ضخم مودع من حسابه الشخصي
دانتي متفاجئا : لا بد من أنك تمزح معي ...
يسير كاساندرا تجاه دانتي جانب السرير ليقف امامه مباشرة بطوله البالغ المترين ليقول له بابتسامة
كاساندرا: اعتقد ان معبدكم سيكون في حال جيد بهذه الأموال ، إعتبرها هدية من المملكة إلى معبدكم
دانتي بعدائية : هل هذه شفقة من نوع ما ؟
كاساندرا مغادرا الغرفة : أبدا ، بل في الحقيقة انا المستفيد هنا ..
كاساندرا : انا فقط أعتبر معبدكم كأي نقابة جنوبية أخرى ، نمولها و نضمن لها السلام مقابل تجنيد من يتبعونها وإستغلالهم في الحروب
يلتف كاساندرا الى دانتي قبل الخروج من غرفته : تود المملكة بشدة من أن تضم مقاتلين اعتياء من معبدكم الى جيوشها ، إحرص بأن تبلغ رئيسك العجوز بهذا ..
يغلق كاساندرا الباب خلفه ليبقى دانتي وحده رفقة الصمت المعتم في الغرفة
تبدأ قطرات من دموع دانتي بالسقوط على الصك بملامح حزن و بغض شديدتين ليهتف اسم نينا معتصرا غصة من الألم في داخله
في مكان آخر
سجن اطلنطا الغربي – الباحة الرئيسية امام الحصن الرئيسي
يسير جيماتا واضعا يديه في جيبي بنطاله الأسود بينما كان غارقا في تفكير عميق موجها نظره الى الرمال البيضاء التي يمشي عليها دون إلقاء انتباه لما يسير تجاهه
ينادي صوت من بعيد : ها قد وجدناه ! جيماتا !
يرفع جيماتا رأسه الى الامام لرى تابعيه كينجي و دوروين جانب جيرو الذي كان قد أمسك بثلاثة خيول بنية بينما تعلو وجهه ابتسامته المعتادة
تتملك جيماتا مشاعر الارتياح قائلا: انتما بخير إذن .. هذا حقا مطمئن
دوروين متشكيا : نعم كدنا بأن لا نكون .. حبسنا ذلك المتعجرف زينكو في غرفة مليئة بالغبار ، لم نستطع التنفس جيدا بين كومة الصناديق القديمة تلك
كينجي مشيرا الى جيرو : لكن بفضل هذا الرجل المحترم لم نبقى طويلا على تلك الحال
يتقدم جيرو وبيده حبال الجياد ليصافح جيماتا بيده الأخرى
جيماتا : أعتقد بأن علي شكرك سيد جيرو
جيرو : العكس سيد جيماتا ، نحن من عليه الاعتذار .. لم نكن لنعامل ضيوفنا بتلك الطريقة ابدا ، ولكن زينكو كان يريد ان يحمي تابعيك لا اكثر من حالة طوارئ قد حدثت
جيماتا : هل حدث شيء ما ؟
جيرو محافظا على ابتسامته : لا شيء اطلاقا ، كل الأمور تحت السيطرة كما هي الحال دائما
يتذكر جيماتا أمرا ليسأل بعجلة قائلا: دوروين كيف حال إصابتك ؟
كينجي مطبطبا على ظهر دوروين في مكان اصابته : إنه بخير ليست بالشيء الجلل
دوروين : كينجي أيها – هذا مؤلم!
يبتسم جيماتا بينما تتملكه الراحة جزئيا لرؤية اتباعه بخير
جيرو : لقد جهزت لكم افضل الخيول لدينا بأوامر من سيدي الرئيس ، تستطيعون عبور الصحراء في لا وقت باستخدامها ، كما انها مزودة باحتياجكم الكامل من الطعام و الماء و بعض الأسلحة الصغيرة
يسلم جيرو الجياد لجيماتا و تابعيه
تفتح البوابة خلفهم فجأة ببطء ليرو من خلفها الصحراء القاحلة والريح العاصفة تهب فيها
يركب كل من جيماتا و رفيقيه الجياد جاهزين للانطلاق
جيرو : يرحب سجن اطلنطا الغربي دائما بذيوف العاصمة الملكية ، أدعو بأن تصلو الى المنطقة الوسطى بسلام
دوروين : شكرا لك
كينجي : نحن مدينون لك
يبدأ كينجي و دوروين بقيادة احصنتهم نحو البوابة ليلاحظو تجمد جيماتا في مكانه دون حراك
دوروين : جيماتا ما بك؟ ..
جيماتا : أمر أخير ..
جيرو : ارحب بأي سؤال
جيماتا : قلت لي بأن هذه هي افضل احصنتكم صحيح ؟
جيرو : بالفعل
جيماتا : إذن ماذا عن ذلك الوحش الذي كان يمتطيه العميد المدرع المسمى كلاوديو ، ألا ينتمي إليكم؟
تزداد ابتسامة جيرو حدة ليضحك ضحكة خفيفة
يصمت جيماتا منتظرا إجابة جيرو
جيرو : لا تشغل بالك بذلك ، فقد قلتها بنفسك
جيرو بنظرة حادة : لا اعرف رجلا يستطيع امتطاء ذلك الوحش سوى ثلاثة ، حتى انا لا استطيع لمسه ، إنه ليس من عالمنا ..
جيماتا متعرقا : ( يبدو بأنني أخطأت بسؤاله .. ) فهمت .. شكرا على إجابة سؤالي
يقود جيماتا جواده نحو البوابة ليهتف قائلا دون ان يلتف برأسه الى جيرو
جيماتا: لا اعلم إن كنا سنلتقي في المستقبل أم لا ، ولكن إن شاء القدر ذلك
جيماتا: أتمنى بأن نكون في نفس الصف
يلوح جيرو بابتسامة مزيفة الى جيماتا قبل ان تغلق البوابة لتفصلهم عن جيرو
جيرو : ( جيماتا إذن ، لديه ذهن صافِ .. لقد بدأ بفهم كيف تجري الأمور في هذه الدولة ..)
في مكان آخر
الباحة الشرقية خلف حصن الفيل الأبيض
يقف الساحر و كلاوديو بجانبه وسط الرياح العاتية المثيرة للاتربة بين جثث الجنود الزرق الذي قد قطعو من قبل زاهين
كلاوديو : هذا المنظر .. ليس بغريب
الساحر : نعم .. لقد كان من فعل زاهين .. مثير للمتاعب كعادته
يشد انتباه كلاوديو جثة زينكو على بعد بضعة مترات ليسير إليها ببرود
ينظر كلاوديو بتمعن الى جثة زينكو بلونها الباهت ومنظر رأسها البشع
يسرح كلاوديو في خيالات قديمة لتبدأ ذراعيه بالارتجاف مصدرة صرصرة دروعه
يمسك الساحر بكتفه ليتوقف ارتجافه فجأة
الساحر : لا تربط ذاتك بالماضي .. سوف تعلق هناك ..
كلاوديو مخفضا رأسه : ألم تقل لي مرة بأن الماضي هو من يصنعك ؟
الساحر : بالفعل .. هو من يصنعك .. ولكن لا يتحكم بك
كلاوديو : فهمت ...
يسير الساحر بعيدا تجاه الحصن الرئيسي للسجن قائلا : نظف الفوضى ، وتأكد من إعادة تدوير جثث الحراس
كلاوديو بحزم : حاضر
يتوقف الساحر قائلا : أمر آخر .. ، أبلغ أرسلان بموت توفان ، إجعله ينشر الخبر الى انحاء القارة
كلاوديو : فهمت ( بهذا .. ستكون اول حادثة من نوعها .. وفاة شخص داخل اسوار السجن ..)
في مكان آخر
صحراء أونتانا الغربية
يسير يون والرفاق عبر الصحراء الواسعة بين كثبانها الرفيعة بخطوات غير متزنة إثر إرهاقهم و ضعفهم الناتج عن الجوع و العطش
يسيرون بمظهر وحشي إثر لون جلودهم الأحمر الذي نتج عن تحممهم بمطر دماء الدودة البارد
آيرس: انا حقا لا اطيق رائحة الدماء الملتصقة بي ، تشعرني بالغثيان
فالكون : اود لو كانت الرائحة هي المشكلة الوحيدة هنا ، ألقِ نظرة على رفيقك ، يكاد ينهار
يلاحظ آيرس حالة يون البالية حيث كان يسير بخطى متباعدة تغرق بين رمال الصحراء بوجه شديد التعرق وشفتين جافتين
كيون : تبا .. حتى بهزيمتنا لذلك الشيء بدأت افقد الامل بنجاتنا من هذا الجحيم
زاهين متعرقا : إن كنت قلقا بشأن الخروج من الصحراء قبل الموت عطشا فلا تقلق.. ، إننا في الطريق الصحيح ، هذه ليست المرة الأولى لي في هذا المكان
يسير ألباتروس الذي كان افضلهم حالا ببطء مسايرا سرعة مشي البقية
ألباتروس :إذن لما أجدك قلقا سيد زاهين ؟
زاهين متنفسا بصعوبة إثر حرارة الهواء التي أحرقت رئتيه : تلك الدودة التي قتلناها ..
ألباتروس : ما بها؟
زاهين : لقد قمنا بالامر بسهولة أكبر مما تخيلت
كيون : لا تكن متشائما-
زاهين : ليس هذا ما قصدته
يتصبب العرق على جانبي عيني زاهين قائلا : توفان إستمر بالقول لي بأنه عاجز عن هزيمتها لذا كان يستمر بالهروب منها
فالكون مبتسما رغم إرهاقه : لا تقلق ، هذا يثبت فقط بأن قوة ذلك العجوز ليست سوى هراء
كيون : مخطئ .. لقد شهدنا كيف استطاع التصدي الى رئيس السجن بينما كنا لا نستطيع التحرك حتى
تبدأ الأرض بالاهتزاز بهزات خفيفة جعلت من رمال الصحراء تتذبذب
زاهين : اللعنة!
كيون : لا تقل بأنه!
تنبثق الرمال كانبثاق بركان من إحدى الكثبان المرتفعة لتنثر الرمال كعاصفة رملية على يون والبقية
زاهين : ( هل يتجدد ؟! لا ، .. إنني متأكد من قتله بالكامل )
آيرس مناديا بين الغبار : يون هل تسمعني؟
يون مغطيا عينيه : بالكاد
يهدأ الغبار ليرفع الجميع رؤوسهم الى الدودة التي انتصبت فوقهم مستعدة للاتقضاض عليهم بفمها الدائري الموحش
ألباتروس: هذا سيء!
تبدأ الأرض بالاهتزاز بهزات متعددة قوية جعلت من رمال الصحراء تتذبذب وكأنما زلزالا سينسف الصحراء قد بدأ
فالكون بغضب : مالذي يحدث بحق الجحيم زاهين؟!
زاهين منفعلا : لا تسألني وكأنما أعلم!
تنبثق تسعة كثبان رملية حول زاهين محدثة موجة غبار عظيمة كادت أن تدفنهم
ينبطح يون غير قادر على مقاومة الرمال التي تصطدم به
يون : ( تستمر الرمال بالدخول الى انفي .. لا استطيع التنفس.. )
يمسك ألباتروس بذراع يون في وسط العاصفة ليشده الى الأعلى
يصرخ ألباتروس قائلا : إن انبطحت الان سيتم دفنك!
تبدأ العاصفة بالهدوء شيئا فشيئا ليبدأ كيون بمناداة يون و آيرس بفزع
ألباتروس : إنهم هنا بجانبي ، لا تقلق ، الأهم من ذلك هل انتم بخير؟
زاهين : بشكل ما
فالكون : هذا لا شيء
يبدأ الغبار بالركود لتسطع الشمس مرة أخرى على فالكون ومن معه
فالكون : زاهين ما كان ذلك ؟-
يرى فالكون ملامح الفزع في وجه زاهين الذي وجه نظره نحو اليمين و اليسار
يلقي فالكون نظرة الى ما حوله ليجد عشرة ديدان بالغة الضخامة انتصبت من على الأرضي حانية جسدها نحوهم
كيون غير مصدق : هذه كذبة...
تصدر الديدان أصواتها البشعة الشبيهة بالتشجؤ ليتطاير لعابها في كل مكان
آيرس بوجه قد استحوذ عليه اليأس: انها النهاية ..
زاهين مرتعبا : اللعنة ... اللعنة ...
فالكون : زاهين مالذي-
زاهين فزعا : اهربو!
يحمل ألباتروس كل من يون و آيرس ليبدأ بالهرب مع فالكون و كيون و زاهين
يون عاضا شفته السفلى : ( اللعنة .. لست سوى عقبة في طريقهم ..)
فالكون مستمرا بالركض بجانب زاهين : وهل تظن بأن استراتيجيتك هذه ستنقذنا؟
زاهين : إنها الطريقة الأفضل لإبطاء هجومها ، إنها دائما ما تفترس من يمشي ببطء حيث تستطيع تحديد موقعه عبر الصدى بدقة ، ولكن من يمشي بسرعة هدف غير دقيق بالنسبة لها
يهمس يون الى الباتروس بإرهاق : صوت .. عربة .. وخيول ..
ألباتروس : ماذا تقول ؟!
آيرس : إنه على وشك فقدان وعيه ، إنه يهلوس على الاغلب
يتوقف ألباتروس عن الجري ليبدا بتفحص الكثبان البعيدة حوله
زاهين : أحمق! استمر بالركض !
يصرخ آيرس بينما كان محمولا على كتف ألباتروس : مالذي تحاول فعله؟!
ألباتروس منتبها لكومة غبار بعيدة : هناك!
يشير ألباتروس الى الجهة الشرق جنوبية حيث رأى الجميع غبار قد نتج عن عربة اتجهت نحوهم
يتوقف الجميع عن الركض غير مصدقين
زاهين : مستحيل !
فالكون : يجدر بهم رؤية هذه الوحوش من تلك المسافة ، لما يستمرون بالقدوم الى هنا؟!
تقترب العربة اكثر بعدو أسرع لتظهر معالمها حيث كان يقودها رجلان ، أحدهما شاب نحيف بشعر بني مصفف الى الجانبين بملابس انيقة قماشية كان يقود العربة بسرعة لم يستطع التحكم بها بوجه مليء بملامح التوتر و الخوف ،
أما الاخر فكان رجلا سمينا في الخمسينات من عمره بملابس ثقيلة رغم الحرارة الشديدة و ذقن سمين ووجنتين منتفختين على جانبي شارب أبيض و لحية سوداء ممسكا بأوراق و قلم في يده بينما كان يمسك بقبعته مستخدما يده الأخرى
زاهين : اركضو تجاهها أسرعو!
يبدأ الجميع بالركض لتبدأ فجأة دودتين بالتحرك نحو الباتروس ببطء
تتوقف العربة بجانب زاهين و فالكون
يهتف الشاب مرتعبا : أبي بحق السماء مالذي يحدث هنا ومن هؤلاء الناس؟!
يرد السمين ببهجة قائلا : مكان مناسب للتوقف مايكل! بهذا يمكنني أن اركز على تفاصيلها و ارسمها بشكل جيد
يبتسم السمين بشراهة قائلة : لم تكن اسطورة بالفعل ، انها موجودة ، مقبرة المساجين الأخيرة !
يصعد زاهين و فالكون بسرعة على متن العربة دون مقدمات ليخنق فالكون الشاب قائلا: لا اعرف من انتم ولكن يجب عليكم التحرك حالا! ، كيون ألباتروس أسرعا!
يتفاجأ السمين بما يحدث إذ كان قد ولى جل اهتمامه على الوحوش التي امامه ليقول : من أنتم؟ ، دعو ابني و شأنه!
يربط زاهين عنق السمين بخيوطه الحادة بحركة خاطفة قائلا : إن اردت النجاة من الأفضل أن تأمر ابنك بتحريك العربة نحو الشرق حالا
تنقض دودتين نحو العربة بينما كان ألباتروس و كيون يصعدانها
زاهين محررا السمين : ( تبا ، وقوف ألباتروس للتو جعل منه هدفا واضحا لها! )
يرمي زاهين بخيوطه ليقيد بها الدودة الأقرب قبل اصطدامها بالعربة ليشدها نحو الدودة الأخرى بجانبها ليصطدما ببعضهما البعض
زاهين متخلصا من خيوطه : هذا سيكسبنا بعض الوقت ، انطلق !
يقف السمين مغرما بما حدث امامه دون حراك
مايكل مختنقا من يد فالكون التي كادت تأخذ حياته: ا ابي ...
السمين مبتسما : لا بأس ، أعتقد أن المآل الوحيد للخروج من هنا هو انقاذكم ، مايكل انطلق
يترك فالكون عنق مايكل ليمسك حبال العربة بسرعة آمرا الخيول بالعدو بأسرع شكل ممكن نحو الشرق مبتعدين عن الديدان التي أكتفت بالانتصاب دون أي حراك
يسأل السمين بفضول : لما لا تتبعنا؟
زاهين : إنها تهاجم من كانت حركته بطيئة او من كان واقفا فحسب ، لن تستطيع تحديد مسار دقيق للهجوم ضد حصان يعدو بهذه السرعة
كيون : بالتفكير بالامر .. في كلا المرتين التي ظهرت امامنا فيها كنا قد ابطأنا من مشينا إثر الإرهاق
فالكون مبتسما : إن توقفت سأحرق حنجرتك عزيزي مايكل
مايكل ذارفا دموع الخوف : اللعنة لقد تم نهبنا
السمين : لم اعرف بنفسي ..
أنا ثيودور ، صحفي اطلنطي من أصول أمريكية ..
زاهين : أنت حقا مرتاح بالنسبة الى رجل قد نهبت عربته للتو من سجناء هاربين
ثيودور : في الحقيقة لا يهمني من انتم ... ولكن تبدو كرجل لديه خبرة بشأن تلك الديدان
زاهين : ما مقصدك ؟
يخرج ثيودور زجاجة زيت من حقيبته : إليك هذه الصفقة ...
إن قلت لي كل شيء تعرفه عن تلك الديدان سوف أقوم بنقلكم الى خارج هذه الصحراء، لا بل الى أي مدينة تريدون
زاهين : وإن رفضت ؟
ثيودور مبتسما عبر شاربه و لحيته الكثيفة مشيرا بزجاجة الزيت : سنحترق جميعا هنا ونكون طعاما لتلك الديدان
فالكون باستخفاف : أي نوع من التهديد هذا ؟ أتنوي الانتحار؟
زاهين : لا ... إنه جاد
زاهين : ( ردة فعله عند رؤيته لتلك الديدان ، ورؤيته لمهاراتي للتو ، يبدو كرجل مجنون بشأن هذه الأمور .. )
زاهين مبتسما : لا بأس .. ، أقبل صفقتك
يصافح زاهين ثيودور ليتنهد كيون مرتاحا
ثيودور :مايكل لدينا ضيوف هنا ، زد السرعة من اجلهم
مايكل : بربك يا رجل ستموت الخيول إن استعجلتها اكثر
يقهقه ثيودور مرتاح البال بينما كانت الديدان تختفي عن مرمى نظرهم
يضع ألباتروس يون الفاقد لوعيه جانب آيرس قائلا : يجب علينا شكر هذا الصبي عندما يفيق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــ
ـــ
انتهى الفصل العشرون
عنوان الفصل القادم : الاخوين
تأليف : shinigami
كتابة : shinigami
تنسيق: shinigami
تصميم الفواصل والهيدر : Healer