

بذل الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- مع الصّحابة -رضي الله عنهم- جهداً عظيماً في نشر الدّعوة الإسلاميّة في مكّة المكرّمة
إلّا أنّها قُوبلت بالعداء والرّفض وإنزال أشكال العذاب المختلفة بهم من قِبَل قريش وسادتها، إلى أن التقى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-
بنفرٍ من الرّجال القادمين من المدينة المنوّرة إلى مكّة المكرّمة، فأقبل عليهم يدعوهم إلى الإسلام حتى أسلموا ووعدوه
بأن يأتوا إليه في العام المقبل مع نفرٍ آخرين من قومهم ليعتنقوا دين الإسلام.
وذهب جمع من الأوس والخزرج في العام التالي لبيعة العقبة الأولى، وتحديداً في موسم الحجّ من العام الثّاني عشر للبعثة، وكانوا اثنا عشر رجلاً
وهم: أسعد بن زرارة الخزرجيّ، ورافع بن مالك الخزرجيّ، وقطبة بن عامر الخزرجيّ، وعُقبة بن عامر الخزرجيّ، وعوف بن الحارث الخزرجيّ
ومعاذ بن الحارث الخزرجيّ، وذكوان بن عبد القيس الخزرجيّ، وعبادة بن الصّامت الخزرجيّ، ويزيد بن ثعلبة الخزرجيّ
والعبّاس بن عبادة الخزرجيّ، وأبو الهيثم بن التيهان الأوسيّ، وعُويم بن ساعدة الأوسيّ.
شعر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أن الدّعوة الإسلاميّة مقبولة في يثرب أكثر من قبولها في مكّة المكرّمة، والإشارات تدلّ على إمكانيّة
استقبالها لدّعوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، مع أنّ غالب أهلها مشركين؛ إلّا أنّهم لم يرفضوا الدّعوة ولم يعادوها كما فعل أهل مكّة
والرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان حريصاً على تأسيس نواة للدولة الإسلاميّة فعقد معهم بيعة العقبة الأولى
نسبةً لاسم المكان الذي عُقدت فيه، ووصفت بالأولى لتمييزها عن بيعة العقبة الثّانية التي حدثت بعد عام من البيعة الأولى في ذات المكان.

روى عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- وهو أحد الرّجال الذين بايعوا النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في بيعة العقبة الأولى
أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال لهم: (تَعالَوا بايعوني علَى أنْ لا تُشرِكوا باللَّهِ شيئاً، ولا تَسرِقوا، ولا تَزْنوا، ولا تَقتُلوا أولادَكُم
ولا تأتُوا بِبُهتانٍ، تَفتَرونَهُ بين أيديكُم وأرْجُلِكُم، ولا تَعصوني في مَعروفٍ، فمن وفَى منكُم فأجرُهُ على اللَّهِ، ومن أصابَ من ذلكَ
شيئاً فَعوقِبَ بهِ في الدُّنيا فهُو لَه كَفَّارَةٌ، ومن أصابَ من ذلك شيئاً فسَتَرَهُ اللَّهُ فأمْرُهُ إلى اللَّهِ، إنْ شاءَ عاقَبَهُ، وإنْ شاءَ عفا عنه)
فالرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- حرص أولاً على ترسيخ العقيدة الإسلاميّة في نفوس المُبايعين، فكان أوّل بند في المبايعة عدم الإشراك بالله تعالى
فالعقيدة الصحيحة أساس رسالة الإسلام، ثمّ اهتمّ الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- بمكارم الأخلاق، فذكر ترك
السّرقة وترك الزّنا وعدم قتل الأولاد؛ لعلم الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الأمّة لا تقوم بقومٍ تركوا الأخلاق وقصّروا فيها
وفي آخر المبايعة نبّه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- على أهميّة طاعته بالمعروف، مع أنّه لا يأمر إلّا بالمعروف
حتى يسنّ للمسلمين من بعده أنّ طاعة وليّ الأمر واجبة ما دامت في أمر معروف
وفيما يرضي الله تعالى، وأمّا إن كانت في أمور سيئة فلا طاعة له.
___________________________________________________________________________________ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ__▪يتبع

التعديل الأخير: