قرية يورا
تحت الغيوم الداكنة التي أظلت بظلها على حطام الثكنات التي دفن نصفها بالرمل الأحمر كان دانيال براون بشعره الأشقر المربوط الى الخلف وعصابة عينه اليمنى يسير ببطء بين الركام المتفحم حينما كان يصفر بفمه بترنيمات لأغانِ اطلنطية قديمة
يوجه دانيال بنظره الى الأفق الرمادي للقرية المحترقة ليقطب من حاجبيه
يرفع دانيال رأسه الى الأعلى مشاهدا الغيوم : توشك أن تثلج ...
يصعد دانيال مرتفعا من حطام الخشب المحترق ليرى من اعلى ذلك الركام مبنى العمدة المركزي المهدوم من على مسافة ليست ببعيدة
يركز دانيال على البناية التي كانت قد التحمت بنيزك بركاني صخري خامد
يغمض دانيال عينه لثوانِ ليفتحها مرة أخرى بابتسامة
دانيال: هناك إذن ...
يسير دانيال مباشرة نحو مركز القرية حين كان يلقي بنظره يمنة و يسرة في القرية
دانيال: رغم كل هذا الدمار .. لا ضحايا ، قرية يورا حقا استطاعت الخروج من عنق الزجاجة هذه المرة
يقف دانيال أمام المبنى المركزي ليحدق به طويلا
دانيال : هل أنت غاضب مني يا ترى.. بوبو ...
يدخل دانيال البناية المهدومة ليحشر نفسه بين أخشاب متداخلة ومحطمة الى داخل المبنى حيث الصالة الأرضية دائرية المحيط
يلاحظ دانيال تحطم الأرضية و الجدران حيث اشعت على المكان خيوط من الضوء تخللت من بين اخشاب السقف المتحطمة
يلتف دانيال الى اليسار ليرى بوابة قد حطم نصفها الأيمن وتفحم
دانيال : مكتب العمدة..
يتجه دانيال الى البوابة المحطمة ليدخل منها على مكتب العمدة الذي كان في حال يرثى لها بطاولة قد تحطمت ونسفت الى الأرض رفقة أوراق محترقة عمت الارجاء
يطيل دانيال بالنظر الى تفاصيل المكان ليغمض عينه بتركيز
يوجه دانيال عينه نحو خزانة شغلت الزاوية اليسرى من الغرفة ليتجه اليها بعجل
يحرك دانيال بكل ما اوتي من قوة الخزانة حتى اسقطها على الأرض فتحطمت بهشاشة إثر احتراق أجزاء منها فيما سبق
يثور الغبار و الرماد على دانيال ليسعل بشدة فيرى من خلف ذلك الرماد بوابة أرضية اختبأت تحت الخزانة
دانيال مبتسما : مورند أيها العنيد ، الى أي مدى وصل تحفظك على ما تملك ..
يفتح دانيال الباب الأرضي بمزلاج ملتصق به بصعوبة لتهب رياح قوية من الأسفل على دانيال حين فتحه
يرى دانيال سلما يؤدي الى الأسفل رفقة شعلات انارت الطريق الطويل الى اسفل الأرض
دانيال محدقا بالطريق الى الأسفل : جعلته بضغط جوي سلبي .. مثير للإعجاب يا مورند
يفتح دانيال الباب على مصراعه ليبدأ بالنزول الى الأسفل بخفة وحرص حتى وصلت قدمه الى أرضية ملساء الملمس
يلتف دانيال ليرى بأنه وصل الى الأسفل بالفعل حيث شاهد ممرا اضيء بالشعلات
يسير دانيال في الممر ملاحظا تغير الأرضية و الجدران عن بقية المبنى في الأعلى
يلاحظ دانيال بابا من الحديد قد امتثل أمامه بعد مشيه خطوات الى الامام
دانيال : من الأفضل أن لا تكون مقفلا
يمسك دانيال بمزلاج الباب ليفتحه بسهولة فيرى خلفه قاعة فسيحة مليئة بالكبسولات الضخمة الزجاجية المدموجة بالكثير من الانابيب
يقف دانيال امام معمل مورند الضخم متعجبا من كثرة الكبسولات وضخامتها ليلاحظ عقب ذلك تحطمها رفقة الكثير من المياه على الأرض حيث تسربت منها
دانيال : دوجي حقا عنيف .. أن يصل الضرر الى مكان محصن كهذا .. همم؟
في وسط الصمت القاتل الذي عم المعمل يسمع دانيال انفاس ثقيلة تردد صوتها من خلف احدى الكبسولات الضخمة
يتقدم دانيال ببطء ليلاحظ اختلاط الماء اسفل قدميه بلون احمر غامق
يلقي دانيال بنظره الى خلف الكبسولة ليرى فتاة شقراء بشعر انسدل على ظهرها واصابة حرق شديدة اصابت خصرها
تلقي الفتاة بوجهها الى دانيال ليلاحظ دانيال علامات الإرهاق الشديد و نقص الغذاء التي تبينت على وجنتيها
دانيال : ماريا ... ماريا آنزو ..
تهتف ماريا بصوت مبحوح : من .. أنت ..؟ ، كيف تعرف هويتي..
يخرج دانيال من جيبه قنينة ماء حديدية لينزع غطاءها بعجل فينخفض نحو ماريا ليسقيها
تبعد ماريا فمها بعناد ليتقطب جبين دانيال إثر ذلك
دانيال بنبرة جدية : هل تريدين حقا تضييع حياتك التي انقذها مورند بعنادك هذا؟
تتوسع عيني ماريا غير مصدقة لما سمعت لترتخي عضلاتها
يسقي دانيال ماريا الماء برقة و بطء بينما كان يعاين حروق خصرها الشديدة
يلقي دانيال بماريا أرضا بخفة ليخرج من جيب سترته مسحوقا معلبا
ماريا مستعيدة صوتها : عصابة العين هذه .. ومعرفتك الشديدة بسيدي ... أنت ..
دانيال مطببا حروق ماريا : دانيال براون ..
تغمض ماريا عينيها : هل أنا أهلوس ..
دانيال : ربما...
تتألم ماريا إثر تطبيب دانيال لها لتعتصر ألما
دانيال : حاولي التحمل قليلا .. ، كيف وصلتي الى هنا؟
تهتف ماريا بأنفاس متباطئة : حين هجومهم .. لقد كنت في منزل سيدي أجمع أهم ابحاثه خوفا من ان تحترق او تتدمر... كنت في طريقي الى هنا لأخذ بعض العينات .. حينها ... نيزك بركاني قد سقط على البناية المركزية ..
دانيال : هل تقدرين حقا أعمال مورند أكثر من حياتك؟
تبتسم ماريا بألم : لطالما قال لي بأنني أفضل أعماله .. لا فرق بيني وبين تلك الأوراق التي يدرسها
دانيال : ولهذا السبب بالضبط أنا هنا
تتمثل على وجه ماريا علامات التساؤل : مالذي تعنيه؟
يساعد دانيال ماريا على الاضطجاع الى الامام ليبدا بتضميد حروق خصرها
دانيال : أخبرني مورند سابقا عنكِ ... وبكونك الشيء الوحيد الذي لا يمكنه فقدانه
ماريا بغضب : هل تحاول ملأ عقلي بالأكاذيب لأصدقك؟!
ترتسم على دانيال ملامح جدية : هل تعتقدين بأنني أقصد كونك أهم ما يملك من الناس ؟ ، أنه يحمل تجاهك حبا جما ؟ .. كلانا نعلم بأن مورند لا يحمل هذا النوع من المشاعر ..
ماريا : مالذي تعنيه إذن؟
يقف دانيال من أمام ماريا بعد تضميد جراحها
دانيال : مورند يعني ما قاله .. يعني بأنكِ أغلى ما يملك من اعماله العلمية في هذا العالم ..
تنتشر ملامح الصدمة على وجه ماريا
ماريا : انتظر لحظة .. هل تقصد بأن مناداته لي بعمله الفني لم يكن أمرا مجازيا ..
دانيال : ماريا آنزو .. أنتِ بالفعل أفضل أعمال مورند الراحل ..
ماريا : لا أفهم .. مالمميز فيِ؟
يمد دانيال يده الى ماريا
دانيال مبتسما : أنتِ المفتاح الوحيد الذي أستطيع به إسقاط المملكة ... او بالأحرى ..
يبتسم دانيال حتى تظهر انيابه : إسقاط راي أتلانتيكا
في مكان آخر
................................
......................
وسط رياح باردة هبت وحركت ستائر غرفة التمريض البيضاء الخاصة رفع راي الخاضع على طرف السرير رأسه إثر احساسه بيد ناعمة تلامس رأسه الصغير
يرى راي حين اعتلى نظره امرأة شقراء الشعر سطعت من خلفها الشمس تبدو عليها ابتسامة مرهقة بينما كانت تستمر بالتربيت على رأس راي بحنان
تهتف قائلة : صغيري .. هل يمكنك فعلها؟
يهتف راي بصوته الطفولي : أمي ...
يقف راي ذو السبعة أعوام امام والدته قائلا بشوق : أمي!
تبتسم والدته بوجه مرهق لتمد يدها حتى لامست وجنة راي اليسرى
تهتف : راي ... أنت تستطيع تحقيق ما أريد .. أليس كذلك..؟
..................................
يفتح راي عينيه حين استفاق من خيالات أفكار استمر بتذكرها وسط استلقائه على كرسيه الأحمر بينما أرخى كتابا كان يقرأه على وجهه
يبعد راي الكتاب عن وجهه وسط هدوء غرفته التي أغلق ستائرها لتبدو مظلمة وباهتة
يمسك راي بقلادته دون أن يفتحها ليفكر بعمق متذكرا تفاصيل تلك الذكريات التي استمرت بملاحقته
ينهض راي بهدوء ليرتدي سترته السوداء المطرزة باللون الذهبي حيث علقت على الكرسي ليضبط بعض ازرارها بينما يتجه نحو احد النوافذ بوجه عبوس وقاسِ اظهره
يفتح راي الستائر ليفتح عقبها النافذة سامحا بدخول تيار رياح عليل حرك ستائر غرفته
يحدق راي بأفق العاصمة بعبوس لتظهر فجأة خلفه مساعدته قائلة:
سيدي الشاب .. هل انت..-
راي بنبرة هادئة أخفت الكثير من الغضب
راي : لن أطيل غيابي .. لا تلحقي بي ..
يقفز راي عبر النافذة بسرعة عالية ليختفي من أنظار مساعدته التي أظهرت بعض علامات القلق خلف قلنسوتها
في مكان آخر
مدينة زالان
أقصى شمال المدينة التجارية التي احتمى أغلب سكانها تحت أسقف منازلهم إثر الامطار الغزيرة التي استمرت لأيام كان قسيس قرية يورا بردائه الرمادي الداكن واقفا بحيرة أمام بوابة سياج القصر الأسود المفتوحة على مصراعيها
القسيس بقلق : شي ما غريب .. ليس من عادة جوردز ترك السياج مفتوحا هكذا
يخطو القسيس الى واحة القصر الخارجية ليمتلئ أسفل ردائه بالوحل مع كل خطوة يخطوها حيث غرقت قدماه في الأرضية الطينية
يلاحظ بين قطرات المطر منجلا ملقى على الأرض قد اصطبغ بالوحل
يرتعب القسيس : منجل جوردز!
يركض القسيس وسط الامطار الغزيرة الى الباب الامامي ليلاحظ جثة هامدة أمام عتبة القصر الامامية
يتعرف القسيس على جوردز في حين ركضه اليه بعجل وقلق
يصل القسيس الى جسد جوردز المتدمي حيث لاحظ على جسده الكثير من الجروح و الكدمات
يفزع القسيس : جوردز !! جوردز هل تسمعني يا بني؟!
يلقي القسيس بأذنه على صدر جوردز ليسمع نفسه و دقات قلبه وسط ضجيج قطرات المطر المتساقطة
يتنفس القسيس الصعداء ليرفع رأس جوردز عن الوحل محاولا جعله يفيق
القسيس: لم يكن حدسي خاطئا ، من فعل ذلك بك ؟ مالذي حدث لك ؟! أرجوك أفق يا جوردز
يصدر صوت أنثوي من الأعلى : لا فائدة أيها العجوز
يرفع القسيس رأسه ليرى فتاة جلست على عتبة نافذة في الدور الرابع من القصر
تهتف الفتاة التي بدت بعمر المراهقة بشعر أخضر قصير وقبعة بنية رفقة سترة جلدية مهترئة
!: ذلك الرجل عنيد حقا ، رغم حرصنا على عدم قتله إستمر بمحاولة قتلنا كالمعتوه
يصرخ القسيس فزعا : من انتِ ؟! ، هل أرسلت المملكة فرسانها الى هنا أيضا للاستيلاء على المكان؟!
ترد الفتاة بينما كانت تلاعب قلادة ذات جوهرة خضراء كالزمرد علقتها على رقبتها
!: مملكة ؟ لا علاقة للرامي بما يحدث هنا لقد فهمت الامر بشكل خاطئ يا هذا
القسيس متسائلا : الرامي؟
يسعل جوردز بشدة دون أن يفيق ليبدا بالتنفس بصعوبة
تهتف ذات الشعر الأخضر : يجدر بك الذهاب به من هنا قبل أن تقرر سيدتي إنهاء حياته
القسيس : لم تجيبيني ايتها اليافعة ... من انتِ ، ولماذا فعلتم هذا لجوردز؟!
ترد الفتاة بينما كانت تحرك ساقيها من على عتبة النافذة كطفل صغير
!: إن كنت تريد معرفة ذلك إذهب الى المهندس..
القسيس : المهندس ؟.. أتقصدين ذلك المبتدع اللعين دانيال براون؟!
ترد بنبرة خالية من الاهتمام : هناك ستستطيع معرفة ما تريد معرفته .. بالإضافة الى أن ذلك الشخص هو الوحيد القادر على جعل صديقك يفيق من غيبوبته تلك
القسيس بنبرة قلق: ماذا ؟! مالذي فعلتموه به بحق المسيح ؟!
تقف الفتاة ممسكة بقبعتها لتدخل الى القصر خلال النافذة قائلة : لا تضيع المزيد من الوقت ، قد يفقد صديقك حياته ..
يرتجف القسيس هامسا : مالذي يجدر بي فعله ...
في مكان آخر
المنطقة الجنوبية شيسونار - مدينة إينوك
انتشر ضجيج المدينة الهادئة إينوك إثر احتشاد سكانها في الطرقات و ندائهم بأصوات ضجرة قد ايقضت جميع السكان ليومين متتاليين دون نوم
وسط الساحة المركزية للمدينة حيث اعتلى عمدة المدينة ذو الشارب الابيض الحاد مسرحا خشبيا مظهرا علامات قلق شديدة محاولا بتعابير يديه و جسده تهدئة أهل مدينته الذين اشتعلو بنار غضب وثورة لم يستطع إخمادها
العمدة : أرجوكم سيتم تبيين كل شيء من قبل العائلة الملكية في قادم الأيام ، أطلب منكم الهدوء فقط!
يهتف الجميع معارضين ليبدأ بعضهم بهز أركان المسرح غضبا
تتعالى أصواتهم
هل تريد منا الصمت بعد حرق حي كامل من العاصمة يعيش فيه اقرباؤنا؟
لا تمازحنا يا سيد فرناند
مالذي يضمن لك بقاءك حيا دون الحرق إذا ما اراد الملك ذلك؟!
يسقط العمدة إثر اهتزاز المسرح من تحت قدميه
بين الحشود الغاضبة وقفت امرأة بشعر بني منسدل حملت طفلتها ذات الاربع سنوات على كتفيها بينما أمسكت بكلتا يديها كرسيا متحركا جلست عليه والدتها
تهتف المرأة لوالدتها : لا يزالون يصرخون باعتراض أماه ، هل كان من الضروري القدوم هنا حقا لرؤيتهم ؟ ألم يكن من الافضل الجلوس في المنزل
ترد العجوز : هل تمزحين معي ؟ لطالما كرهت الملك وابناءه ، يعاملون الجنوب كسرب من البط الذي يطعمونه فيصيدونه بعد ذلك كالشياطين
تهمهم ابنتها : ولكن هل من الجيد حقا أن نصل الى هذه الدرجة من الغضب أماه؟ -
يشتد اهتمام المرأة وأمها إثر تحطم المنصة الخشبية ليسقط منها العمدة رفقة رجاله في حال يرثى لها
يصعد رجل ملتحي بشعار ضخم رفعه أصاب الجميع بالذعر والدهشة
يهتف الرجل رافعا للافتة صوفية رقع عليها " لن نخضع لأمراء أنجبو من بطن عاهرة"”
يصرخ الرجل : طفح الكيل! اقرباءنا يحرقون أحياء في وسط أقصى المدن أمانا و رفاهية في هذه المملكة ، والاله وحده يعلم السبب ، هل هي نزوة من نزوات ذلك الملك؟ أم هي رغبة من رغبات ولي عهده ، إبن العاهرة اللعين ذو الدم البارد ؟! يظنون بأننا قد أصبحنا عميان إثر تخويفهم!
تهتف المرأة برعب : أماه! هل قال ابن عاهرة؟؟
تتنهد العجوز : انا متفاجئة من عدم علمك بالأمر
ترد الفتاة : مالذي تقصدينه ؟
تضع العجوز يديها على بعضهما البعض بوقار : شارلوت .. عاهرة حاولت العيش كأي بائعة هوى أخرى في العاصمة وكسب لقمة عيشها عبر التجارة في الاحياء الفقيرة ، لا احد يعلم كيف حدث ذلك .. ولا متى حدث ... في ليلة وضحاها ، تلك المرأة التي كانت قد عاشرت مئات الرجال أصبحت ملكة تحمل أطفال ملك هذه القارة ماندوس أتلانتيكا ، كان الملك صارما في وضع حدود أي من كان يهين مكانتها في البداية .. ولكن بعد أن انجبت الاطفال أصبحت كوسيلة للحمل فقط لا غير
تصدم ابنتها لتجيب بتردد : كيف علمتي بكل ذلك أماه؟
ترفع العجوز رأسها لتنظر الى ابنتها عبر نظاراتها المربعة : لأنني كنت خادمة هناك ايتها الذكية
يصرخ الرجل مكملا : أي نوع من الملوك يجعل نسله في يد امرأة عاشرت أقذر الرجال في المملكة؟! ، هل سنصمت أمام كل ذلك الفحش و السفك المتواصل؟
استمرو بزرع فكرة بأنهم ملائكة ذو شعر ذهبي لا يخطئون ابدا فقط لكي يخضعوا عقولنا! ، وعندما ذقنا ضرعا بهم استعانوا بشيطانهم اللعين كاساندرا لإخراسنا
يرفع الرجل اللافتة بغضب : من هنا تبدا الثورة من جديد !! أهل إينوك ، كونو اول من يرفع شعلة الانقلاب معي !! ، لدينا القوة ، لدينا العزيمة .، كما ان لدينا سببا يفوق جميع الاسباب اهمية للقتال
يحد الرجل من صوته ليبصق الكثير من اللعاب صارخا : هل تريدون من اطفالكم ان يُحرقوا كما حرق اقرباءكم في العاصمة؟!
يرد اهل اينوك بالرفض بحماس
هل تريدون الخضوع تحت ملك مستقبلي ذو أم تبيع الهوى؟
يأيد اهل اينوك الرجل بالرفض ليصرخوا جماعة بحماس
تهتف العجوز باستخفاف : ذلك الاحمق بيكر.. استمر بنبذ المملكة لسنوات وهاهو يستغل الفرصة الامثل لبدء ثورة سخيفة كهذه
تتساءل الفتاة : ذوو شعر ذهبي لا يخطئون ابدا ... ظننت جديا بأن ذلك حقيقي
العجوز : تلك العبارة ليست خاطئة تماما كما تظنين
ترد الفتاة : مالذي تقصدينه؟
العجوز : اولائك الحمقى في القصر الملكي ممتلئون بالذنوب والخطايا بالفعل ، ولكن لون شعرهم الذهبي حقيقة لا شك فيها
تضع المراة يدها في ذقنها مفكرة : شعر ذهبي .. يا ترى كيف سيبدو شكله ، لم ارى احدا منهم في حياتي
تهتف الفتاة ذات الاربع سنوات على كتف المرأة : ذ.. ذهبي
تبتسم أمها : صحيح يا صغيرتي ذهبي
تشير الطفلة بيدها الصغيرة الى اليسار قائلة : شعر .. ذهبي
تلتف كل من امها وجدتها الى اتجاه اشارتها ليشاهدا رجلا بشعر ذهبي طويل وسترة سوداء بتطريز ذهبي نحيف اخفى داخله سترة بيضاء فخمة
تتسع حدقتي العجوز بينما كانت تحدق بـ راي أتلانتيكا الذي كان قد وقف بين الحشود الغاضبة محدقا بقلادة كان يحملها في يده
تهتف المرأة : ذلك الرجل .. شعره يميل الى الذهبي قليلا اليس كذلك اماه؟
تحاول العجوز الحديث ليعلق لسانها في حلقها إثر رعب و خوف قد ضغط رئتيها و قلبها حتى كادا ينفجرا
العجوز بصوت مبحوح : إنه .. إنه
يغلق راي القلادة محدقا باللافتة التي رفعها بيكر الغاضب فيقرأ ما فيها بتعمق
العجوز : ( نحن .. هالكون)
يدخل راي قلادته تحت سترته لتضيء يديه بضوء ساطع
في مكان آخر
المنطقة الجنوبية شيسونار
على بعد أمتار من نقابة التماسيح السوداء كان الفارس الاسود ميكاو يسير بمسير ثابت استمر به لساعات طويلة بينما كان حاملا لكيس صغير مليء بالجوز رفقة حقيبة كبيرة حملها على كتفه
يكسر ميكاو الجوز بأسنانه حين كان يصعد تلا ترقب رؤية مبنى النقابة خلفه
يفكر ميكاو حين مضغه و تلذذه بالجوز : ياغي سيغضب حقا من فترة غيابي الطويلة هذه ، لابد من أن تولي أعمال القيادة عوضا عن تكاكورا الكسول أمر عسير عليه في هذه الفترة الحساسة
يصعد ميكاو آخر صخرتين من التلة العشبية ليرى منظرا جعله يسقط كيس الجوز وسط دهشة و رعب أصاب قلبه
يركض ميكاو راميا حقيبته نحو نقابته العزيزة التي وجدها قد دمرت جزئيا رفقة دماء سفكت على جدرانها
يركض ميكاو نحو الباب الأمامي الذي وجد عنده ثلاثة من أعضاء النقابة الذي ذبحو بجروح عميقة أنزفتهم دماءهم حتى الموت
ميكاو : اللعنة !! ديلان ! ميمي! أكون! أجيبوني!!
يشعر ميكاو بأجسادهم الباردة ليقفز راكلا الباب الامامي فيجد المكان فارغا رفقة دماء سفكت في الكثير من الطاولات والجدران
يلاحظ ميكاو شابا قد استلقى من على منضدة تقديم الشراب ليصرخ ميكاو بفزع
ميكاو مقتربا من جسد الشاب الجريح : غاريبوزا ! لا تمت ايها الغر الاحمق! من فعل هذا ؟ مالذي حدث هنا بحق الجحيم؟!
يهتف غاريبوزا ممسكا بجرح اصابه في خصره : لن أموت حتى اقطع رأسك ايها الزعيم المزعج ..
ميكاو : حمدا لله .. مالذي حدث ؟ هل تستطيع الحديث؟
غاريبوزا : لا اتذكر جيدا .. حدث الامر بسرعة .. لقد كان رجلا واحدا..
يفتح ياغي القصير بنظاراته الدائرية احد الابواب المختبئة خلف أرفف الشراب : اووه!! ايها الزعيم
ميكاو : ياغي! من الجيد رؤيتك حيا!
ياغي باكيا : أجوك أيها الزعيم !! تكاكورا ! إنه
ميكاو : دلني إليه
يدخل ياغي ميكاو الى غرفة خلفية كان فيها نائبه تكاكورا ذو الشعر الاحمر الطويل مستلقيا على سرير امتلأ بدمائه في حالة يرثى لها على شفير الموت
يقف ميكاو غير مصدق لعينيه ليلاحظ جانب سريره سيفه المكسور والملطخ بالدماء
يفعل ميكاو مفتاح السم الخاص به مباشرة بصمت و تركيز ليهتف بنبرة جدية : ياغي إذهب لإسعاف غاريبوزا والبقية
يبدأ ميكاو بضخ سائل خرج من تحت أظافره على جروح تكاكورا بتركيز و ملامح أخفت غضبا جما حمله
ياغي : غرايبوزا ليس بحالة حرجة .. والبقية ..
يلتف ميكاو بنظرات حادة الى ياغي
ياغي بدموع إنهمرت : لم يمت منا سوى ثلاثة .. لقد أمر تكاكورا بإخلاء النقابة فورا وواجه الدخيل وحده
يعض ميكاو على شفته السفلية بينما يركز طاقته على علاج تكاكورا بأفضل مايمكن
ميكاو : من هو ... أي نوع من الرجال استطاع فعل هذا بنقابتي ..
يهتف تكاكورا بتقطع و إرهاق : رجل .. بقناع خشبي خال الملامح ..
ميكاو : تكاكورا!
يسقط ياغي على الارض متنفسا الصعداء : لا أعرف مالذي كان سيحدث دون عودتك ايها الزعيم
تكاكورا بابتسامة متكلفة : هل انتهيت من خدمة فتيات العاصمة؟
ميكاو مبتسما بشعور ذنب قد غمره : لا تتحدث كثيرا ايها الاحمق
ميكاو : ياغي ، هل البقية في مأمن؟
ياغي : صحيح .. لم يكن ذلك الرجل سفاحا او باغيا للقتل و سفك الدماء .. لقد ... لقد بدا و كأنه يبحث عن رجل ما
ميكاو : رجل ما؟
تكاكورا بنبرة هادئة : لم ينطق بحرف من دخوله حتى هزمني و غادر .. ولكنه .. كتب شيئا على الجدار بدمائي المسفوكة على سلاحه
يلتف ميكاو ليلاحظ جدارا بعيدا كتب عليه " أظهرو رمز التنين"
ميكاو : رمز التنين ؟ .. أي نوع من الرجال يكون ؟ ، كيف استطاع كسر سيفك و هزيمتك؟
تكاكورا : غصن شجرة..
ميكاو : هاه؟
ياغي ممسكا برأسه بكلتا يديه : هذا صحيح .. إنها ليست مزحة
ياغي مرتعبا : لقد كان يقاتل اسلوب سيف تكاكورا السريع و الصلب مستخدما غصنا حادة من الخشب
ميكاو فاقدا لأعصابه : كيف لهذا أن يكون ممكنا تكاكورا؟!
يسمع كل من ميكاو و ياغي شخير تكاكورا الذي غط في النوم فجأة
يشد ميكاو شعر تكاكورا فاقدا صبره : لا تنم أيها!
ياغي : ايها الزعيم إنه مصاب!!
يفتح تكاكورا عينيه بهدوء
يضطجع تكاكورا الى الامام ليرفع شعره الاحمر عن وجهه : لقد استمريت بقطعه و جرحه .. كما أنني كسرت غصنه ذاك مرات عدة .. ولكنه استمر بالهجوم وإخراج ذلك الغصن مرارا وتكرارا دون توقف .. لقد كان
ينظر تكاكورا الى الاسفل بمرارة الخسارة التي أشعرته بالحسرة
تكاكورا : لقد كان في مستوى آخر تماما .. لم أكن ندا له..
ياغي : تكاكورا ارجوك استلقي ، لست في حالة تسمح بـ-
ميكاو : لقد عالجت جراحه ياغي ، لا داعي للخوف
ينهض ميكاو مغمضا عينيه مفكرا فيما إن كانت مغادرته للعاصمة خطأً سيندم عليه طول حياته
يسير ميكاو الى خارج الغرفة الخشبية ليهتف تكاكورا بهدوء
تكاكورا : أنا آسف ميكاو..
ميكاو بنبرة أخفى فيها غضبه الجامح : إخرس وعد الى سباتك ايها الاحمق ..
يخرج ميكاو من الغرفة ليضع يده على جرح خصر غاريبوزا معالجا اياه
غاريبوزا : لست بحاجة الى مساعدتك ايها ال-
يلاحظ غاريبوزا علامات غضب شديدة ارتسمت على وجه ميكاو ليرخي رأسه على الطاولة بصمت و خوف
يحدق ميكاو ببهو النقابة الذي حطمت اغلب طاولاته بينما امتلأت بعضها بالدماء
ياغي : عندما أتذكر بأن تلك الدماء التي تملأ المكان ليست الا دماء رجلين استمرا بالقتال حتى أنهك احدهما
ميكاو : ( لم يكن يريد قتل تكاكورا .. كان يريد فقط ايجاد ما يبحث عنه)
يلتف ميكاو ليحدق بالقتلى خارج البوابة
ميكاو : ( لقد قتل من كان في مناوبة الحراسة انذاك لضعفهم على الارجح .. او لهجومهم المباشر عليه .. ، ذلك الرجل)
ميكاو قابضا لكلتا يديه بقوة بينما يهمس الى ياغي : ذلك الرجل لم يكن يريد قتل رجالي يا ياغي .. ذلك الرجل جعل من نقابتي اضحوكة في غيابي لاجل شيء يبحث عنه فقط..
يحدق ميكاو بالعبارة التي اصطبغت بدماء تكاكورا : رمز التنين ... من ذلك الرجل المقنع بحق السماء؟
في مكان آخر
على تلال أرياف صفراء جاورت مدينة إينوك على بعد بضع كيلو مترات حيث كان إحدى المزارعين المتواضعين يحصل القمح بمخلبه الصدئ تحت السماء الرمادية التي ازدحمت بالغيوم الداكنة
يرفع المزارع ظهره بألم ليأخذ نفسه مغمضا عينيه مسمتعا بالهواء الطلق الذي داعب خصلات شعره القصيرة المختبئة تحت قبعته القشية
يفتح المزارع عينيه ليلتف نحو مدينة إينوك التي سمع تجاهها بعض الضجيج البعيد حيث لم يستطع تحديد ماهيته
تتسع حدقات عينيه حين شاهد مدينة إينوك البعيدة تحت سيل من الأضواء النحيفة المتساقطة كالمطر اللامع
يسقط المزارع مخلبه فزعا ليركض تجاه كوخه المجاور لحقله مسرعا
يفتح المزارع باب كوخه ليجد زوجته السمينة تحضر الطعام بصمت كعادتها
تلتف زوجته لتلاحظ فزعه : ماذا اصابك هذه المرة؟
يهتف المزارع وسط التقاط أنفاسه : يجب! ... يجب عليك مشاهدة هذا!!
ترد زوجته بريبة : مالذي تعنيه بحق السماء؟
المزارع صارخا : هناك اشعاعات واضواء تبدو كالملائكة تسقط على مدينة إينوك يا امرأة!
تترك امرأته القدر مسرعة نحو الخارج بملامح غير مصدقة
تخرج امرأته رفقته من الكوخ لتلقي بنظرها تجاه مدينة إينوك
يتعكر صفو مزاج امرأته قائلة : ما بالك ؟! لا يوجد شيء مريب في المدينة ؟ عن أي ملائكة تتحدث
يفرك المزارع عينيه غير مصدق إثر اختفاء الأضواء التي شهدها توا
ترجع امرأته الى الكوخ قائلة : يجدر بك اخذ قسط من الراحة ، العمل الشاق قد أتلف دماغك
المزارع بحيرة : هل كنت .. أتوهم؟
مدينة إينوك
انتشر الصمت و الدخان في المدينة الثائرة التي مُلئت بجثث السكان من رجال و نساء سفكت دماؤهم حتى أحمرت طرق المدينة بمنازلها و مرفقاتها وفاحت رائحة الحديد من كل أركان البلدة
وسط الجثث المقطعة إربا بدمائها التي لطخت الطريق ، كان راي يقف بيدين حمراوتين و ووجه ملطخ بالدماء
حين كانت أقدامه تسبح في وسط بركة دماء صبغت حذائه باللون الأحمر .. كان بوجهه الملطخ الأحمر ينظر بعينيه الباردتين الى أفق الطريق الذي انتشرت في انحائه الاحشاء و الرؤوس المقطعة
وسط ذلك الصمت القاتم .. تقدمت نحو راي فتاة ذات أربعة سنوات بجسد أحمر تلون إثر دماء والدتها التي حاولت حمايتها حتى اخر لحظاتها
سارت الفتاة باكية نحو راي الواقف بصمت حتى وقفت أمامه لتشد سرواله قائلة بانتحاب شديد : أين أمي؟! .. عماه .. أين أمي ؟؟
يحول راي بنظره ببرود من أفق الطريق الى الطفلة التي استمرت بشد سرواله الأسود مرتجفة
راي هامسا : .. اين ... امي؟..
ترفع الطفلة وجهها الباكي نحو راي ليكون رؤيتها لوجهه آخر منظر لها إثر قطع راي لرأسها بسيف ضوئي كونه بسرعة خاطفة فقطع رأسها به
يجثو جسد الطفلة عند حذاء راي ليلطخه بالمزيد من الدماء
يتلاشى سيف راي الى حبات ضوء متبعثرة حين كان يركز نظره على جسد الطفلة الجاثي عند قدمه
ترتجف يده ليعقب ذلك بأن أدخل راي يده الى داخل سترته مخرجا بيده الدامية قلادته
راي بملامح باردة : أين ... أمي..
يفتح راي القلادة محدقا بصورة والدته المنحوتة بين أصابعه الحمراء المرخية
ترتعش يد راي ليبتسم بابتسامة طفيفة
راي محدقا بالقلادة : أين ... أمي...
تزداد ابتسامة راي ليبدأ بالضحك بهستيرية
ترتفع قهقهاته شيئا فشيئا حتى انتقلت ضحكاته في أرجاء البلدة الحمراء الميتة
يضحك راي بشدة بقهقهات متعالية : ( أماه ..... هل ترين ... لقد صمتوا .... لا احد يستطيع التحدث عنكِ بسوء...)
تتهادى ضحكات راي ليغلق قلادته بصمت أخفى ابتسامته
راي : لقد صمتوا أماه .. وسأخرس المزيد و المزيد ... حتى تصبح قصتك الخيالية حقيقة ... أماه
في مكان آخر
القصر الملكي – جناح الملك
حيث نفذت اشعة الشمس من خلال الزجاج الفسيفسائي الذي ملأ جدران الجناح الملكي الطويل المفروش بالسجاد الأحمر كان ملك اطلنطا ماندوس جالسا على عرشه بيده كأس من نبيذه البنفسجي المعتق المفضل لديه رامقا ابنته تشيمي التي جلست أمامه اسفل العتبة على كرسي متحرك كانت الخادمة أفرينا تمسك به
يحرك الملك كأس نبيذه الفاخر يمنة ويسرة ليمده نحو احدى جواريه التي وقفت يساره جانب مستشاره سيسال الذي وقف يمينه
يلاحظ الملك ملامح وجه تشيمي المرهقة والمتعبة حين كانت تستمر بنقل نظرها بينه و بين اخواتها زونيا و مونيتا التان كانتا في اقصى اليمين جالستين على كرسيين احمرين غير مبديتين لأي علامات اهتمام لما يحدث
يهمس كاساندرا الذي وقف في يسار الجناح الملكي الطويل رفقة سيكو الذي فاقه ضخامة
كاساندرا: لدي شعور غير حميد بشأن ما على وشك ان يحدث
سيكو مبتسما : أنت حقا تأخذ الأمور بجدية ، في حقيقة الامر أتحرق شوقا لمعرفة ما سيحدث بين الاميرة و الملك .. لم يتحدثا لبعضهما البعض منذ اشهر
كاساندرا : أنت من ترى الأمور بهزلية تامة سيكو ...
يهتف الملك بعد دقائق من الصمت المتواصل : كيف حال ابنتي العزيزة؟
تنغص تشيمي من ملامح وجهها بقسوة : كف عن قول هذه الجمل التي توهم بها نفسك والآخرين بأن الأمور على ما يرام
تنخفض أفرينا نحو أذن تشيمي بقلق : سيدتي الشابة أرجوك إنه والدك!
يقهقه الملك ليظهر بذلك مزاجه الجيد ليكمل شرب كأسه بملامح استمتاع بدت على وجهه
تهتف مونيتا : لقد روضتكِ يورا بالتأكيد على عدم الاحترام يا ناكرة الجميل
يمد الملك يده الى جاريته لتعيد ملأ كأسه : لا بأس مونيتا .. إنها طريقة ابنتي الخاصة لقول بأنها اشتاقت الى رؤيتي
سيكو هامسا : أرأيت ؟ قلت لك بأن الجو سيكون مضطربا كمسرحية درامية ممتعة
يتناول الملك كأسه ليتوقف عن شربه فجأة فيوجه نظره نحو مونيتا و زونيا التي جلست مرتدية دروعها الذهبية بصمت
الملك : هذا يذكرني .. أين ذهب راي بحق السماء؟
مونيتا غير مهتمة : لقد اختفى بعد استقبالنا لك امام البوابة ، من يعلم ما قد يفعله شخص متقلب المزاج مثله في هذا الوقت
يهتف سيسال بابتسامته الحادة : ربما لا يتسطيع سيدي الأمير رؤية اخته التوأم بهذه الحالة الرثة
تنظر تشيمي الى سيسال بنظرات حذر شديدة
الملك : مالذي جعلكِ تصرين على لقائي على أي حال تشيمي .. تعلمين بكوني غضبا منكِ بشأن الاقتحام الذي شوه سمعة هذا القصر و دفاعاته
تتنفس تشيمي بعمق إثر احساسها باختناق باق من اعراضها التي اصابتها سالفا
تهتف تشيمي بهالات سوداء تراكمت تحت عينيها : أنا هنا لابلغك تحذيرا يجب عليك سماعه
سيسال ضاحكا : تحذير؟
كاساندرا : ( استنتاجي كان صحيحا .. نبوءة تشيمي تتعلق بشأن قضية شديدة الأهمية تخص مستقبل هذه المملكة بأكملها)
مونيتا : أي نوع من التحذيرات هذه ؟ بالنظر الى حالة جسدك المثير للشفقة يبدو بأن إحدى أحلام اليقضة تلك قد اصابتك
يهمهم الملك : أي نوع من النبوءات تلك تشيمي .. ، كونك تريدين اخباري بها على عكس المعتاد حيث كنت اطلب منك اخباري فترفضين ذلك .. يبدو أن الامر غير معتاد هذه المرة
تغمض تشيمي عينيها بارهاق : تعلم بأنني سأبقى عدوة لطرقك في سلب حقوق الاخرين لأجل مصالح النبلاء .. ولكن ما ستواجهه هذه المملكة في القريب العاجل سيمسح كل ما أريد او تريد حمايته
الملك : تقليقينني بكلامك هذا .. من الأفضل بأن الامر ليس شيئا من الاعيبك او كذباتك..
تهتف أفرينا بتردد : استمحي جلالتك العذر .. ولكن سيدتي الشابة لم تكذب علي يوما في حياتها
مونيتا : تشيمي قد تغيرت أفرينا .. لقد غذاها كلاب الشرق بكل ما هو غير حميد من الاخلاق و الطباع
ترمق تشيمي اختها الكبرى بنظرات كراهية شديدة قابلتها مونيتا بنظرات باردة
الملك : تشيمي .. تكلمي .. ماذا رأيتي
تمسك تشيمي بكرسيها لتعتمد عليه بالوقوف لتقلق أفرينا عليها محاولة مساعدتها فترفض تشيمي ذلك
تقف تشيمي لتقترب من الملك حتى وصلت العتبة التي توصل الى عرشه
يضغط سيسال على كتابه في صدره
تنظر تشيمي الى والدها مباشرة : سوف تموت .. ابتاه
يرفع الملك حاجبه الأيمن ببرود
تشيمي : بسيف أسود ذو نصل عريض يطعنك من خلف عرشك تحت سقف جناحك المهدوم
يتفاجأ سيكو ليلتف الى كاساندرا الذي تبادرت في عينيه نفس الفكرة التي فكر بها سيكو
يهمس كاساندرا بينما كان يشد من قبضتيه : حرب..
تقف مونيتا مقتربة من اختها لتنخفض نحوها قائلة : من الأفضل بأن لا يكون هذه مجرد تشويش تقومين به لوالدي ليصرف نظره عن مؤامرات براغيث الشرق الذين تهتمين لأمرهم
ترد تشيمي دون ان تنظر اليها : وهل أبقيتم من يورا شيئا لاحميها..
الملك : فقط؟
تشيمي : أرفض اخبارك بالبقية..
الملك : لا زلتِ عنيدة..
تهتف تشيمي بشجاعة ووضوح : ما استطيع إخبارك به بأن حربا على وشك ان تندلع ، حربا ستدلي بحياة الأبرياء وبحياتك!
الملك : مالذي تريدين الوصول إليه؟
تمسك تشيمي بثوب والدها الأحمر عند ركبتيه قائلة بنبرة انكسار شديدة : أرجوك أبي .. لم اطلب منك شيئا منذ سنوات طوال... إنها المرة الأولى التي اطلب منك فيها معروفا يخدم مصلحتينا .. أرجوك .. حتى وأن اختلفت مبادئنا .. يجب علينا حماية ما يتوجب علينا حمايته!!
تشيمي ذارفة الدموع : أوقف سارامنتو! .. أرجوك أبتاه!.. أمور غير حميدة ستندلع إن فعل ما يحلو له!
الملك : يحلو له؟
يغمض كاساندرا عينيه مدركا لما سيقوله الملك
الملك: أنا من أمرته بالذهاب .. كما أنني أمرته بإشعال فتيل يُسمع بريطانيا صدى خطر مملكتنا هذه !
تشيمي مناجية : أبي! ، لن تجني خيرا من هذا ! بريطانيا قد فشلت في محاولة غزونا فيما سبق ومن المؤكد بأنهم منذ تلك الحادثة يدبرون مكيدة يستطيعون بها الإطاحة بمملكتنا هذه المرة!
مونيتا رامقة تشيمي باحتقار : مثيرة للشفقة..
يضغط الملك على كأسه الفخاري بقوة حتى كسره فسال الخمر على ساعده رفقة دماء الجروح التي اصابت اطراف أصابعه
تتفاجأ تشيمي من ذلك لتسرع جاريته بمسح يد الملك ليصفعها الملك بغضب بعيدا
الملك : من تظنينني أكون؟!
ينهض الملك : أنا ماندوس أتلانتيكا !! ملك سلالة حكمت هذه القارة لقرون طويلة دون أن يهز عرشي هذا شيء! ، أمريكا أوروبا اليابان و بقية شرق آسيا رفقة أمريكا الجنوبية و افريقيا
الملك صارخا : كم تظنين منهم حاولوا السيطرة على هذه الأرض غير معترفين بمملكتي كدولة رسمية إثر تخلف التطور الذي يدعون بأنه أصل الحضارة الجديدة
حضارة ؟! ، أين هي حضارتكم عندما سقطت طائراتكم كالذباب عند دخولكم الى أراضي مملكتي؟!
يستمع سيكو و كاساندرا بإمعان دون إظهار أي نوع من الملامح
تشيمي بنبرة مهزوزة : فخرك هذا يعميك..
سيسال : ألا ترين بأن صمت بريطانيا طول هذه السنوات دون الدخول معنا بأي معاهدات مشتركة رفقة الدول الأخرى غريبا ؟ ، إنهم يخططون للاستعمار عاجلا ام آجلا .. لقد نسينا أمرهم واعتقدنا بأنهم قد نسو أمرنا ..
يرمق سيسال كاساندرا
كاساندرا : بريطانيا ينوون غزونا بالفعل .. إنني متأكد من ذلك
تركض أفرينا نحو تشيمي التي انهارت على الأرض باكية
تساعدها على النهوض لتهتف تشيمي باكية : سوف يتدمر كل شيء .. سوف يعيدون إحياءه ..
الملك غير مهتم لتفاصيل ما تقول ابنته : تشيمي .. لا يمكنني تغيير ما سيحدث الان ..
الملك مغمضا عينيه : حتى وإن اردت ذلك ... لقد فات الأوان بالفعل
في مكان آخر
لندن – قصر كنسينجتون
داخل القصر العريض بني اللون ذو قرميد النوافذ الاحمر العتيق حيث سور بأسوار سوداء أحاطته وبحدائقه الفسيحة ، كانت غرفة تحت ذلك القصر في قبو معتم ممتلئة بجو مشحون سببه ثلاثة رجال اجتمعوا داخل تلك الغرفة التي كانت جدرانها قد امتلأت بلوحات لفرسان الهيكل قد رسمت من قبل جوستاف دوغي و بوسيكاوت ماهستر أحاطت بطاولة مستديرة جلس عليها ثلاثة من الرجال الطاعنين بالسن
يضرب احدهم بلحية و شارب طويلين بدا عليه الغضب و السخط الشديد من عروق جبينه : مالذي يعنيه هذا بحق الجحيم ؟!
يهدئ رجل ببذلة رسمية سوداء في الطرف الاخر من الطاولة الاجواء بقوله : لا فائدة من الغضب هنا يا جيفري ، لنحلل الامور بهدوء
يصرخ جيفري ضاربا بيده الجريدة التي اصدرت قبل ايام : ألا تفهم ما يعنيه هذا يا روسل! ، لقد تم اغتيال احد اعضاء فرسان الهيكل من المرتبة العليا في البرتغال قبل عدة أيام .. لقد كنا تسعة وها نحن ثمانية بين ليلة وضحاها بسبب مجرم لم يستطيعوا القبض عليه ! لقد خسرنا ماوريسيو!
يلتف روسل بعد ان يتنهد بعمق الى من جلس بعيدا عنه بعدة كراسي مرتديا بذلة حمراء بتجاعيد وجه ملأت وجنتيه حيث ضبط نظارة العين الواحدة المرتبطة بسلسلة ذهبية علقت فوق اذنه
روسل : ما رأيك .. أندريه
يحك اندريه ذقنه الالمس قائلا بصوت جاف و ثقيل
أندريه : ألا تستطيع الجلوس قليلا جيفري .. ، أعتقد بالفعل بأن هذه مصيبة يجب على جميعنا دراستها بتحليل عميق .. كون احد اعضاء الفئة العليا من فرسان العليا يموت بهذه البساطة ..
روسل: الا تعتقد بأن الامر طبيعي ؟
أندريه : همم؟
روسل: اقصد محاولة قتل طبيعية .. لص طمع بماله او حقد عليه باحقاد شخصية
يرمي جيفري الجريدة لتحط امام روسل
جيفري : وهل تتم مثل علميات القتل في قلعة دينية اثرية ؟
روسل: أتقصد ؟
يفتح أندريه زجاجة من الماء الغازي قائلا : لابد من أنه من اعداء الدين ..
يشرب أندريه من زجاجته ليرطب بها حلقه الجاف
يفرغ أندريه من الشرب وسط تحديق روسل و جيفري الذي حاول تهدئة اعصابه بالجلوس ساكنا
أندريه : أو أن تلك فعلة القارة اللعينة اطلنطا
ترتسم على ملامح وجه روسل الحادة المفاجأة بينما يغمض جيفري عينيه مبديا توقعه لذلك
روسل: هل يمكن لأولائك الرجعيين بأن يغتالوا احد اكبر رجال الدين في اوروبا ؟!
أندريه : ليسو مجرد حمقى يفتقرون للتطور كما تظن ، الا تذكر ؟ عندما تم اختطاف جيفري قبل سنوات من قبل رجل ذو شعر بني ..
جيفري بغضب : ذلك الاطلنطي اللعين
أندريه : لقد أجريت عنه بعض الابحاث رغم اختفائه كليا عن اوروبا قبل اشهر
روسل: هل اكتشفت شيئا ؟
أندريه : نعم .. دفعت لرجل غريب للاطوار ليخبرني عنه .. كان محيطا بالكثير من التفاصيل عن ذلك الرجل في الحقيقة
جيفري: من يكون ذلك اللعين ؟!
أندريه : كاساندرا .. أحد الرجال المتربعين على عرش السلك العسكري في القارة الاطلنطية
روسل : السلك العسكري ؟
أندريه : صحيح ، في اعلى مستويات السلك العسكري لدى مملكة اطلنطا يوجد نظام عسكري طوره ملكهم ماندوس يسمى بالفرسان الملكيين .. مقسم للاحمر فالاسود فالابيض كأعلى رتبة
روسل: كوننا نتحدث عن اطلنطا هنا .. من الطبيعي بأن يعتمدوا على القوة الفردية في اسلحتهم العسكرية العظمى
جيفري: ولكن ما علاقة ذلك الرجل بما نناقشه الان ؟
أندريه : اقصد بأنه استخرج منك الكثير من المعلومات التي قد أدت الى معرفة الملك بعدم زوال فرسان المعبد
جيفري متعرقا : هل تريد صب اللوم علي؟!
روسل: هدئ من روعك ، لا يريد احد منا هنا صب اللوم على الآخر ، كلنا نخدم الرب بهدف واحد
أندريه : صحيح .. كلنا تحت إمرة سيدنا الاعظم .. وسيدنا الاعظم يلتزم بما يأمر البابا الكريم
يكتتف جيرفري ذراعيه بسخط ليخرج غليونا من جيبه فيشعله قائلا : سيدنا العظيم ؟ كيف لكم بأن لا تعترضوا على حوزه لمنصب كهذا كونه لا يرغب بكونه في هذا المنصب منذ البداية ، لم يظهر لاي اجتماع من اجتماعاتنا ، كما أنه لا يلبي اي نداء من الملكة او البابا !
روسل : انتبه لكلماتك جيفري!!
جيفري : هل جزعت من قولي للحقيقة ؟ ، حقيقة كونه الاعلى رتبة هنا هي خطأ لابد من تغييره
أندريه ضابطا نظارته : ولماذا تظن ذلك ؟
جيفري : رتبتنا العليا هذه تعتمد على الافضلية العسكرية تماما ، لهذا دفع البابا اموالا طائلة لنا بانضمام القيصر كسيد عظيم رفقة آرثر كنائب له قبل عشرات السنوات
روسل : الاعتماد على القوة العسكرية في رتبة الفرسان تمنع الكثير من الكوارث التي قد تحدث على منظمة سرية كمنظمتنا
جيفري: قل ما تشاء ، رجل لا يستجيب الى نداء البابا الا نادرا لا يستحق قيادته لرجال كريمي المقام مثلنا !
يتنهد أندريه لينزع نظارته فيضعها في جيب سترة صدره القماشية
أندريه : لا اعتقد أن حديثنا هذا يقودنا الى اي نتيجة ايجابية
روسل : مالعمل ؟ ، كيف سنتعامل مع الامر ؟
جيفري: هل سنقف مكتوفي اليدين حتى يتمكنوا من قتل احد اخر منا ؟
أندريه : لا تقلقوا ، نحن الثلاثة الوحيدين الغير مقاتلين من الرتبة العليا من فرسان المعبد ، سأطلب من الملكة طلبا خاصا بالحراسة المشددة ، فخسارة اي شخص آخر منا تعني خسارة العقل المدبر للتحركات العسكرية لهذه المنظمة
جيفري بنبرة أبدت مزاجا افضل إثر استنشاقه للغليون : سيكون هذا عظيما ، لا اريد ان يتم اختطافي مرة اخرى
روسل: هل تظن أن هذا سيكون كافيا ؟
أندريه : لا ترتعب ، نحن في قعر لندن ، على عكس حادثة اختطاف جيفري حيث كان في الارياف ، لا يمكن لرجل هنا لمسنا او احداث مكروه لنا
تلمع عيني أندريه قائلا : وخصوصا في قصر كينسينجتون هذا!
خارج القصر
في الحديقة الخارجية من القصر جنوبا و حيث كانت جميع اسوار باحة القصر و ابوابها قد اوصدت باحكام ، كان الفارس الابيض سارامنتو يسير داخل الباحة الخارجية من القصر ذات العشب الاخضر و الاشجار الخضراء الصغيرة التي جاورت بركة مسورة بالزهور
حيث كان يسير مرتديا لباسه الاسود القاتم رفقة اقراط اذنه الذهبية كان يهمهم بترنيمات استمر باعادتها مستمتعا بالهواء الطلق الذي ابدا جوا عليلا على الحديقة الخلابة التي كان يتمشى فيها
يتجاوز سارامنتو البركة ليسير بطريق الى الباحة الجنوبية من القصر مرددا اغنية ألمانية غناها بصوت جهور و عميق
سارامنتو مرنما : اليوم نريد ان نغني اغنية صغيرة .. مستمتعين بشراب الواين البارد ..
يسمع جندي بزي عسكري بريطاني حاملا لبندقية أثرية ذات حربة حرس بها البوابة الجنوبية ترنيم سارامنتو ليلتف فيجده يسير في الحديقة مقتربا من تمثال ويليام الثالث الاسود
يفتح الجندي الباب مناديا بلكنته البريطانية بهلع وهو يركض تجاهه : من الذي أدخلك الى هنا؟!
يهتف سارامنتو غير واعِ بما قاله الجندي : نضرب كؤوسنا ببعضها البعض .. مدركين بأن علينا الانفصال قريبا ..
يقترب الجندي من سارامنتو قائلا بحزم شادا بذلته الحمراء : أطلب منك المغادرة حالا ، من الممنوع دخول السياح الى هنا-
يرفع سارامنتو صوته بشغف : ناوليني يدك البيضاء! يدك الطاهرة البيضاء!
يوقف الجندي سارامنتو امام تمثال ويليام الثالث الاسود القاتم مشيرا بسلاحه على سارامنتو
الجندي : يجدر بك الخروج!
ينظر سارامنتو الى التمثال بينما تعلوه الابتسامة ليكمل مغنيا : وداعا يا حبيبتي … وداعا يا حبيبتي انه الوداع ..
يلاحظ الجندي لكنته الالمانية ليصرخ الجندي قائلا : ساضطر لاستخدام العنف إن لم تستجب لي ايها الالماني!
سارامنتو : لانني مبحر …
يقرب الجندي حربة بندقيته نحو سارامنتو قائلا : انني احذرك!!
يرفع سارامنتو يديه الى الجانبين وكأنه يتحضر لحضن احدهم
سارامنتو : لانني مبحر …
الجندي : لا تتحرك!!
تشتد ابتسامة سارامنتو : لانني مبحر … لقتال بريطانيا …
الجندي : ايها-
يمعن سارامنتو نظره في النوافذ الطويلة التي توسطت قرميد القصر الاحمر لينفجر في حين امعانه قصر كينسينجتون بقرميده و نوافذه انفجارا مدويا أحرق القصر برمته و كسر نوافذ السيارات المجاورة في الشارع و اصدر دويا سمعه كل من كان في الاحياء المجاورة
يندفع الجندي الى الامام إثر الانفجار الذي احس بحرارته في ظهره ليسقط ارضا مسقطا سلاحه
سارامنتو مبتسما : يا لها من لوحة جميلة … غولورادو …
يحاول الجندي النهوض ليلحظ سلاحه وهو يُلتقط من احدهم
يرفع الجندي رأسه ليرى سارامنتو قد اشار بحربة السلاح على الاسفل مستعدا للاجهاز عليه
يبدا الجندي باصدار الشتائم ليوجه سارامنتو الحربة على رأس الجندي مزهقا بذلك روحه
يراقب سارامنتو القصر وهو يحترق بينما تعلوه ابتسامة رضا كبيرة اعتلت وجهه
سارامنتو : اراهن بانكم تشعرون الان بطعم الجحيم الذي تعدونه لمن عصى اوامركم ايها الشيوخ اللعينون ..
يسمع سارامنتو صوت صافرات من الحي المجاور
سارامنتو : يجب علي الذهاب والا سأقع في المشاكل ..
سارامنتو مبتسما : كيف ستكون ردة فعلك يا ترى .. ايها القيصر ..
في مكان آخر
قرية يورا
وسط هبوب عاصفة ثلجية قارصة عصفت بالقرية المدمرة تحت غيوم سوداء داكنة سريعة الحركة ، كان الثليج يتساقط على قرية يورا التي كانت لتكون خاوية لولا وجود رجل رفقة ابنه يمشون في ضواحيها البيضاء الثلجية
حيث كان كيون وآيرس يمشون بخطوات متباطئة اثر العاصفة مرتدين لمعاطف مخصصة لمثل هذه العواصف قد استعاروها قبل خروجهم من رستون
يهتف آيرس بصوت عالِ بينما كان كيون يحاول تغطيته بسترته الخاصة في حين مشيه
آيرس: أبي أنا بخير ، لا حاجة لك بأن تغطي جسدي بسترتك
يرد كيون بابتسامة : ماذا تظن والدتك فاعلة بي إن جعلتك تمرض من اجل زيارة قبرها ، سوف تضربني بالتأكيد عندما اقابلها بعد موتي
يبدأ كل منهما بصعود التلة التي فرشت بالثلج حيث تؤدي الى منزل كيون المتهالك
آيرس: آسف أبي .. ، لقد طلبت منك فعل هذا رغم سوء الأحوال الجوية
يقوي كيون بقبضته على يد آيرس بعطف قائلا : لم ولن ألومك على ذلك آيرس .. أعلم بأن ذهابك اليها شيء تتوق له كما تقت اليه قبلك .. من غير العدل لومك على ذلك .. ، كما أننا خرجنا رفقة مارجينا للبحث عن هورايزون و يون أملا في إرجاعهم كما أمرنا عمدة رستون
يخفض آيرس عينيه الى الأرض البيضاء مفكرا وسط صفير الرياح الثلجية
آيرس : ( هل هذه طريقتك لإصلاح ما جرى يا يون ... ، أي رجل تريد أن تغدو لتستطيع مسامحة نفسك يا ترى ..)
يقف كل من كيون وآيرس أمام منزل كيون الشبه مهدوم حيث غطته الثلوج ليبدو كتل ثليجي صغير بزغت منه بعض الاخشاب المتهالكة
يلتف آيرس الى أبيه ليرى نظراته الجامدة الى منزله
يهتف آيرس : أبي ..
يبتسم كيون محاولة لطمأنة آيرس قائلا : لنذهب ... والدتك تنتظرنا في الفناء الخلفي
يبتسم آيرس بدوره محاولا ابعاد الحزن عن ملامح وجهه ليوافق والده
يسير كلا الاثنين بموازاة سوار الفناء متجهين الى الجزء الخلفي منه
يهتف كيون بينما تغوص اقدامه في الثلج مع كل خطوة يخطوها
كيون : لا أشعر بوجود احد هنا ، أتساءل هل زار هورايزون و يون هذا المكان قبيل رحيلهم
آيرس : هل تعتقد أن بحثنا عنهما هنا بلا جدوى ؟
كيون : بالنظر الى شخصية السيد هورايز-
يصمت كيون فجأة ليمسك بذراع آيرس موقفا إياه عن المشي مركزا على الفناء الخلفي
يحول آيرس نظره الى حيث ينظر كيون ليجد في وسط الفناء المدفون بالثلج رجلا قد جلس على ركبة واحدة أمام قبر روندا بملابس جلدية ثخينة غطت ظهره و فرو رمادي أحاط رقبته
آيرس بفزع : ثمة رجل هناك !
يتقدم كيون خطوة حذرة الى الامام مفكرا : (شيء ما خاطئ .. أهو تأثير احجار القمر في رستون؟ لا .. شيء ما حتما خاطئ ..)
ينهض الرجل الذي لم يستطع كيون و آيرس رؤية شيء منه سوى ظهره
كيون : ( لماذا لا استطيع الإحساس بوجود طاقة مفتاحية لهذا الرجل ؟! )
كيون متوترا : عرف عن نفسك ! ... لسنا بأعداء .. وأتمنى بانك لست كذلك
ينطق الرجل بنبرة كانت قد دفنت عميقا في ذاكرة كيون
! : لماذا اراك متوترا .. كيون ..
تجحظ عينا كيون بعد سماعه لصوت الرجل
يلتف الرجل الى آيرس و كيون ليظهر لهما وجه قد عرفه كيون جيدا رفقة لحية خفيفة لم يعتد كيون على رؤيتها
ينعكس على عيني آيرس منظر رجل بلباس جلدي ثخين رفقة بنطال ثُبت بحزامين اسودين
يبتسم فاههُ المعتلي للحيته السوداء القصيرة ليمسك بيده اليمنى شعره فيرفعه الى الخلف مبعد بقايا الثلج عن خصلاته
آيرس: من تكون !-
كيون بنبرة تردد : ك ... كاست .. ؟
يظهر كاست ابتسامة رزينة ليغمض عينيه قائلا بهدوء : أرى بأنك أصبحت ركيكا بعد موتها يا كيون
آيرس متفاجئا : أقلت كاست ! ، هذا يعني ..
يمسك كيون برأسه غير مصدق : هل هذه كذبة من نوع ما ؟ ..
يحك كاست رأسه قائلا : صبي بهذا العمر .. ينبغي به أن يكون آيرس ..
كيون بنبرة فرح ملأت قلبه : كاست!!
تهب الرياح الثلجية لينطلق رفقتها كيون نحو كاست بشوق شديد باسطا يديه بغية حضنه
يضم كيون كاست بشدة امام قبر روندا وسط حيرة آيرس الشديدة
يبدأ كيون بذرف الدموع : أيها الاحمق اللعين ... هل تعلم كم اشتاق يون لرؤيتك ...
حين كانت اذرع كاست منخفضة دون أي ردة فعل رفع يده اليسرى ليضم ظهر كيون اليه مبادلا إياه الحضن حين كانت تعلوه ابتسامته الرزينة نفسها
يهتف كاست في اذن كيون : اعلم ... أعلم كما كان يشتاق إلي ... كما أنني ممتن إليك لقيامك بدوري كأب له
يغمض كاست عينيه لثوان ليفتحها مرة أخرى فيوجه نظرات حادة الى آيرس حين حضنه لكيون
كاست بنبرة باردة : أعتقد أن الوقت حان لأرد الدين إليك بالمثل ..
يضرب كاست بقبضته اليمنى ضربة اصابت بطن كيون مصيبا جرح زونيا الذي لم يلتئم بعد
ينقطع نفس كيون متفاجئا من تلك اللكمة التي لم يشعر بقوتها من قبل
كيون : ( لماذا ...)
يركع كيون على ركبتيه محاولا مصارعة وعيه عند اقدام كاست
كيون معتصرا على الارض : ( مابال قوة هذه اللكمة بحق السماء ؟ )
يصدم آيرس إثر ما يرى لينطلق بغضب نحو كاست قافزا نحوه
آيرس : مالذي تظن نفسك فاعله !!!
يحاول آيرس ركل رأس كاست ليمسك كاست بقدمه وسط الهواء بسهولة فيرميه بالأرض بقسوة حفرت لجسده اثرا في الثليج
كيون محاولا امتصاص الألم دون ان يفقد وعيه : من ... أنت ؟...
كاست مبتسما : من القاسي بأن تسأل سؤال كهذا على صديق حميم ..
تزول ابتسامة كاست قائلا : لا تقلق ..
يفر كاست بقدمه ليركل بقدمه الأخرى رأس كيون بزخم عال افقد كيون وعيه
يحاول آيرس النهوض ملتفظا بشتائم عدة
آيرس : كيف لك أن تتجرأ على فعل هذا ... أمام قبر والدتي ..
ينهض آيرس ليهاجم كاست بشراسة صارخا بكل ما أوتي من قوة محاولا لكم كاست
يمسك كاست بمعصمه ببرودة ليكسره بحركة خاطفة سببت لآيرس ألما فظيعا حول صرخات غضبه الى صرخات ألم اختفى صداها وسط العاصفة الثلجية
كاست : آيرس ماشيلود ... ستأتي معي
يبسط كاست يده ليضرب بها مؤخرة عنق آيرس المكشوفة ليسقط الصبي بين ذراعي كاست فاقدا لوعيه كأبيه تماما
يحمل كاست آيرس على كتفه ليلتف قبيل ذهابه الى قبر روندا
يحدق كاست بنظرات عميقة الى نصب القبر الحجري
كاست هامسا : أعتقد بأنكِ ستكونين متفهمة لذلك .. روندا ..
يسير كاست بعيدا حاملا آيرس على كتفه ليختفي خلف ضباب العاصفة الثلجية التي بدأت بدفن و تغطية اطراف كيون الفاقد لوعيه
في مكان آخر
..................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................
يون : ما هذا الصوت ..؟
رياح ؟ .. رياح عاتية .. رائحة غبار .... تكاد تخنقني ..
يفتح يون المستلقي على الأرض عينيه ببطء شديد ليبدا برؤية بصيص ضوء خافت في حين كان يستعيد بقية حواسهِ شيئا فشيئا
يرى يون في عينيه الناعستين أفق غبار قد هب من فوق وجهه الذي وجهه صوب السماء الرمادية
يستعيد يون وعيه فجأة ليضجع جالسا محاولا استيعاب الزمان و المكان الذي اضحى فيه
يون: أين انا ؟ أين العجوز ؟!
يلتف يون يمنى ويسرى ليرى أرضا صخرية قاحلة بضباب نتج عن رياح عاتية هبت تحمل غبارا كالسحام غطى على رؤية يون لرؤية البعيد
يغطي يون أنفه بفزع نتج عن جهله بما أدى به الى هنا
يون : ما قصة هذا الغبار ؟! .. لا استطيع التنفس بحرية
يقف يون على قدميه محاولا التوازن وسط تيارات الرياح السحامية
يون مغطيا أنفه : هذا المكان .. إنه مألوف
يسمع يون وسط أصوات هزيز الرياح همسا قد التقطته أذناه من خلفه
يلتف يون الى الخلف ليبصر ما كان يظن في بادئ الامر أنه جدار عظيم استظل بظله
يرفع يون رأسه وقد ملأه الرعب لتشهد عيناه جبل يورا العظيم حيث رسخ بضخامته و ارتفاعه الذي غطى نور الشمس الباهت ككسوف كامل
ترتعش اطراف يون لتبدأ ركبتاه بالارتجاف كارتجاف اسنانه التي اصطكت ببعضها البعض
يون : لماذا أنا هنا ... لا ... لماذا لم اختفي ... إنني على مقربة شديدة من الجبل !
يحاول يون رصد قمة الجبل التي حجزت الشمس خلفها دون فائدة تذكر حيث غطت غيوم من السحام الرمادي المسود السماء
ينزل يون عينيه الى الأسفل متفقدا تضاريس الجبل التي تميزت ببروزات حجرية صغيرة كقرون الشيطان ملأت صلب الجبل وأطرافه
يبدأ تنفس يون بالتسارع إثر الرعب الذي اعتراه رفقة الأسئلة الكثيرة التي اشغلت باله
يقطع حبل قلق و تفكير يون رؤيته عبر السحام الطافي في الأفق ما كان يشبه بوابة قد رصدها اسفل الجبل
يون : أهذه ...
يبدأ يون بالتحرك دون تفكير بخطوات سريعة انتقلت الى هرولة توجه بها نحو البوابة
يقترب يون من سفح الجبل المتصل بالأرض ليجد ما كان يظنه سرابا حقيقة
يون : ب... بوابة ؟!
يلاحظ يون في البوابة التي بلغ ارتفاعها خمسة امتار احافيرا بلغة غريبة بُرِّزَت على اطراف البوابة
يسمع يون همسا كالهمس الذي سمعه من خلف البوابة مباشرة
يون : مالذي يحدث بحق السماء ..-
يسمع يون صوت صرير نتج إثر البوابة التي بدات تفتح على مصراعيها امام يون وكأنها ترحب به للدخول
يرى يون خلف البوابة ممرا مليئا بالاتربة تنيره شعلات هادئة غير متوترة من النار تكاد ان تخمد علقت عصيانها على جانبي الممر
يبدأ يون بالمسير نحو الممر بفضول قاده نحو الامام امتزج بحذر ابطأ من وقع خطواته
يدخل يون الممر ليلاحظ الاحافير التي كتبت بلغة لم تكن غريبة كليا عليه رغم عدم قدرته على قراءتها
يسمع يون صرير الباب الذي أغلق عقب دخول يون ليحبس يون في الممر وسط ذعر اعتراه
يبلع يون ريقه ليكمل مسيره نحو الامام فيجد اشكالا غريبة قد حفرت جانب الحروف
طيور ذات اجنحة ضخمة تهاجم ما كان يشبه البشر
رجل يعتلي الغيوم ممسكا بصاعقة من البرق يريد بها تدمير رجل كان يبدو وكأنه يصلي للإله
رجل مقيد بما كان يبدو كالسلاسل يجثو بجانب مشنقة
ولد صغير بدا ليون وكأنه يريد احتضان الشمس
فتاة تجلس اعلى شجرة ذات تفرعات عديدة حطت بجانبها طيور البوم حينما كانت تحدق برجل ذو شعر اشعث طويل
امرأة تحمل ورودا ذابلة قد قابلت بها ما كان يشبه شواهد القبور
شجرة احتمى ولد صغير فاقد لرأسه بها من مطر كان يشبه الاشواك
صبي عاري يحاول تناول شعلة من النار اجتمع حوله عديد من الوحوش التي لم يستطع يون فهم ماهيتها حيث تميزت بأذنين طويلتين كما الارانب
حينما حطت عين يون على الاحفورة الأخيرة التي كانت لشاب كان يمارس ما يشبه الحدادة بينما تغمر الدموع وجهه ، سمع يون ذلك الهمس نفسه ولكنه سمعه بوضوح ..
سمع يون صوتا يهمس : أوه إلهي العزيز ... إنني متأكد من وصول صدى صوتي الشدي اليك ..
لقد استمريت بدعائك بأن تجعل ما على الأرض أكثر صلاحا مما هو عليه ..
لا احتاج بأن اتبع سُنتك مقابل بعض من رحمتك..
ألا ترى كل من خلقتهم على صورته ؟ .. يعانون جوعا و قهرا أمام ما لم يستطيعوا قهره ..
منتظرين إنقاذ آلهتهم لهم ...
كيف أستطيع الإيمان بك ؟...
يون : ( ما هذا الصوت بحق الجحيم ؟! ) من هناك ؟!
يعم الصمت على المكان ليستمر يون بالمسير بحذر مناديا
يون : هل من أحد هنا ؟
يهمس الصوت بشكل أوضح من ذي قبل على مسامع يون
إلهي العزيز .. الا يجدر بك الاستماع الى ملاكك الساقط ؟
يون : ( إنه قادم من نهاية الممر ! )
يتقدم يون بخطى متسارعة تجاه الصوت الذي أسهب :
إلهي العزيز .. ألا يجدر بجميعنا الحظي برحمتك و لطفك العظيم مقابل خطايانا ؟ ...
إذ أن كل من خلقت على صورته .. قد استمروا بشن الحرب على كياني الفطري لقرون ..
لقد حاربوا فطرتي لعدم مقدرتهم على فهمي ...
إلهي ... لا استطيع الإيمان بك ....
يجد يون وسط سماعه لتلك الهمسات التي ازدادت وضوحا في كل خطوة يخطوها ، بابا قد وجده أمامه مغطى بالاتربة ومحفورا بحروف كسابقاتها
يقف يون امام الباب حيث توقف ذلك الصوت عن الكلام
يبتلع يون ريقه ليدفع بكلتا يديه الباب الذي اصدر صريرا حين بدأ يفتح مظهرا ما كان يقبع خلفه الى يون
يرى يون عبر فتحة الباب التي استمرت بالتوسع مع دفعه مكانا فسيحا ذو أرضية تغطت بالسحام الرمادي
يفتح يون الباب كاملا ليرى كهفا ضخما تخللته اشعة باهتة بزغت على شخص جاثٍ على ركبتيه رافعا ليديه المنفصلتين عن بعضهما البعض بوضعية كانت اشبه بالدعاء
يرى يون في ذلك الشخص رداءً أسودا رثا ترفرفت اطرافه وتراقصت كتراقص لهب هادئ ، بوجهه الظلامي الحالك و ذراعيه السوداوتين المرفوعتين الى السماء كان ذلك الشخص يتمتم ...
إلهي العزيز إلهي العزيز ..
يون مرتعبا : من أنت ؟..
يحل الصمت للحظات لاحظ خلالها يون عشرة تماثيل دمرت وشوهت ملامح اثنين منها مبقية بذلك ثمانية تماثيل إختلفت أشكالها عن بعضها البعض
تمثال لرجل أصلع مقيد بالسلاسل من رقبته حتى اخمص قدميه
تمثال لرجل ذو شعر طويل يحمل قوسا شد به سهما ذو رأس نحيف مدبب
تمثال لامرأة ذات شعر تميز بأوراق أشجار تغطي بعض اجزاءه حاملة لرمح تستعد لقذفه
تمثال لرجل ذو لحية طويلة وقلنسوة ممسكا بعصا خشبية
تمثال لرجل ذو خوذة مصمتة يحمل سيفا نحيفا رفعه بنبالة
تمثال لرجل ذو جسد مفتول ممسك بسيف عملاق غرسه في الأرض
تمثال لرجل برأس كالجمجمة امسك بمنجل حاد شديد الاعوجاج
ينظر يون أخيرا من حوله الى التمثال الذي كان يقبع خلفه حيث كان تمثال لرجل ذو شعر طويل بتاج فوق رأسه حط عليه طير كالغراب
يحدق يون بكل تلك التماثيل الضخمة التي أحاطت بهذا المكان الاجوف الاشبه بالكهف حين لاحظ على أرضية المكان أحافير لعشرة تنانين مختلفة الملامح قد تم تشويه ثلاثة منها
يهتف الكيان الذي جثا امام يون
إلهي العزيز هل يمكنك رؤية ما يفعلون ؟ ..
إنهم يستعينون بكيانك العظيم في قتال فطرتي ..
وذلك الشيطان المجنون لا يزال يقاتل رعاياي بإسمك ظنا منه بأن ذلك سيمكنه من حط يده على آمرهم ..
ذلك الشيطان ..
تتغير نبرة الآمر الذي جثا امام يون حين التف برأسه الذي كان قد وجهه الى الأعلى حتى وجهه الى يون محدقا اليه بعينيه المظلمتين
ذلك الشيطان ...وكل من خلقتهم على هيئته ...
يقشعر جسد يون فجأة بقشعريرة نتجت عن خوف شديد
تبدا الأرض من تحت يون يون بالاهتزاز بشدة
ينادي الآمر بصوت أجش عميق : اولائك السبعة لا يزالون يظنون بأن تلك الأسطورة ستصبح حقيقة .. !
تتشقق الأرض من تحت يون ليفقد توازنه ويركع على قدم واحدة
الآمر : رغم علمي و علمك بأن تلك الأسطورة لن تتحقق .. لا زالو يؤمنون بها!
تتمدد الشقوق من تحت الأرض ليسقط في احداها يون ليتشبث بطرف من التشققات خوفا من السقوط الى هاوية سوداء مظلمة أسفله
يرفع الآمر يديه المبسوطتين الى السماء ليوجه وجهه الى الاشعة الساقطة عليه
ترتجف يدي الآمر ليقول بصوت اجش : أوه .... إلهي العزيز ...
... لن استطيع الإيمان بك
يصرخ يون في يأس إثر إرهاق يديه المفاجئ المتمسكتين بالشق
يون : من تكون ؟! أجبني !!! ، أي نوع من المخلوقات أنت؟!
يخفض الآمر يديه حين لاحظ يون وصول التشققات الى التماثيل و تدميرها
يقف الآمر ليقترب من يون المتشبث بطرف الشق بصعوبة
ينظر الآمر الى يون بعينيه السوداوتين ليهتف بصوت ذو نبرة واثقة اختلفت عن نبرته السابقة
الآمر : لست أحداً... وإن كنت كذلك لن تستطيع استيعاب من أكون .. وإن استعطت ذلك فلن تستطيع وصفي بحواسك البشرية
أنا لا أنتمي الى هذا العالم .. هذا حدود ما تستطيع فهمه عني
والأمر ينطبق على بقيتكم
تتحول الأحجار التي تمسك بها يون الى سحام كالتراب ليسقط في الهاوية مراقبا الآمر الذي ابتعد عن نظره شيئا فشيئا حتى غزت بصر يون الظلمة تماما
............................................................................
............................................................................
يفيق يون وسط غابة ذات شجيرات صغيرة غطاها الثلج في منتصف الليل
يضطجع جالسا ليرى النار مضرمة جانب هورايزون الذي احتسى مشروب الشاي الأخضر الخاص به بهدوء
يون : ( ما كان ذلك ؟ ... )
يلاحظ هورايزون يون مفيقا من نومه
يرتشف هورايزون كأسه الفخاري قائلا: كابوس ؟
يون : لا أعرف .. لا استطيع التذكر ..
هورايزون بنبرة رزينة : عد الى النوم ... فالأيام القادمة ... ستكون صعبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــ
ـــــ
ـ
إنتهى الفصل السادس والعشرين والأخير من الجزء الثالث
إنتظرونا في الجزء الرابع
تأليف : shinigami
كتابة : shinigami
تنسيق: shinigami
تصميم الفواصل والهيدر : @R O O B E