ليس بعد ... فلا يزال بيني وبينك ألف سؤال
(وقبل أن يتقدما نحو الهدف خطوة أخرى، كسر الصمت صوت وقع خطوات سريعة تتجه مباشرة نحوهما، تسارع نبض قلبيهما بشدة حتى صار بإمكانهما سماعه بكل وضوح، اختلطت عليهما الأحاسيس: خوف، قلق، توتر ... بادرتهما الهواجس مع آلاف الأسئلة والاحتمالات: من الذي أتى؟ أهو صديق؟ عدو؟ ربما كلاهما ... تجمدا في مكانيهما ولم يقويا على أية حركة، إذ كان جل تفكيرهما منصبا على الظل الغامض أمامهما، حدقا ببعضهما كأنهما يتخاطران دون أن ينطقا بأي حرف ... أخيرا استدارا ليجدا ...)
إيومي (تحمل علبة مثلجات، تبتسم بلطف بينما تنظر إليهما باستغراب): "مابكما؟ لماذا تتصرفان كمن رأى وحشا؟ أنا فقط إيومي ... وأحضرت لكما بعض المثلجات رفقة جينتا وميتسو!"
(يواصل الأطفال التحديق بتعجب، يداعب النسيم خصلات شعرهم، لم ينبس أحد ببنت شفة، تضغط هيبارا على يد شارلوك بينما يحاول هو التفكير في كذبة لتأويل الموقف ...)
جينتا (يضع يديه على خصره): "تكلما ... هل ابتلعتما لسانيكما؟ مابال هذا السكون الغريب!؟"
ميتسو (يَضع يده على ذقنه كأنه يحل لغزا عظيما): "دعاني أحزر ... تحققان في قضية ما دون علمنا، وتسعيان للفوز بدور البطولة والحصول على الكأس الذهبية مع المدح والإطراء من الضابطة ساتو!"
كونان (يغمز لشريكته في الجريمة): "تقريبا ... أليس كذلك هيبارا؟"
هيبارا (تهمس له بحدة): "هل فقدت عقلك؟ كيف تقول هذا؟ تريد توريطهم أو ماذا؟!"
كونان (يواصل بضحكة بريئة كأن شيئا لم يحدث): "كل ما في الأمر أننا رأينا رجلا مريبا يرتدي نظارات داكنة، فلاحقناه لنعلم حقيقته، ثم ..."
هيبارا (تقاطعه): "ثم اتضح أنه فقط يصلح عطبا في الحديقة ويتخفى كي لا يشوه سمعة الحديقة!"
كونان (يتمتم): "كنت سأفسرها بأنه قام بإيقاع النقود وخشي أن تسرق منه!"
جينتا (يتناول المثلجات ناسيا كل هموم الدنيا): "ما كُلُّ هذا؟ أنتم تبالغون! جربوا هذه النكهة الرائعة، صدقوني ... ستدخلون عالم المثلجات الخالي من أي شر!"
(غرقت إيومي مع ميتسو في ضحك هستيري، بينما ابتسم كونان لهيبارا وأشار بإيماءة فهمت أن معناها: "فلنقل أننا نجونا!" ...أما المسكين جينتا، فانتبه لتوه إلى أنه قد صار بالفعل محط سخرية، احمرت وجنتاه فقد أدرك أنه قد خرج عن الصندوق تماما، وصار يبدو كأنما هو مروج للمثلجات في إعلان تلفزيوني ...)
كونان (يرفع عينيه إلى الأعلى بميلٍ جانبي): "قتلتَ اللحظة!"
هيبارا (تعقب وتكمل جملته): "لقد سكب عليها دلو مثلجات!"
جينتا (يرفع رأسه مثل بطل سينمائي في مسرح): "على كل حال، أنا روح المرح بينكم، يستحيل أن تستمتعوا بأي شيء دوني!"
هيبارا (تميل رأسها نحو المتحري العظيم بملامح سخرية واضحة): "بمن تذكرك هذه الحركات المسرحية؟ ألا تشبه شخصا نعرفه؟"
كونان(بتذمر مكتوم واستياء خفيف): "ألم تجدي غير ذلك الأخرق؟"
هيبارا (ترفع حاجبها مستفزة إياه): "لكن بالنسبة لي، أراه يشبهك نوعا ما، أليس كذلك؟"
كونان (يشد قبضته بغضب): "وتسألينني تريدين إعلان حرب أم ماذا؟"
هيبارا (ترفع ماغطى وجهها من شعرها): "لماذا أرى كل هذا الانزعاج على وجهك؟ لم نتحدث عن جين، كل ما فعلناه ذكر كيد!"
الأطفال (يصرخون معا لإنهاء هذه المعركة الباردة): "هاي ... نحن هنا، فلتعلما أنكما لستما وحدكما، نريد أن نكون في الواجهة، لا مجرد خلفية لكما!"
كونان (يغمض عينيه ويبتسم): "أوه ... نسينا أمركم، كيف نسمي نفسينا محققين ونحن لا نتذكر أمر فريقنا!"
هيبارا (تواصل المشهد الدرامي): "يبدو أننا انفعلنا قليلا! وقد مل أصدقاؤنا من البقاء خلف الكواليس الخاصة بنا!"
كونان (يتكلم بأسلوب فكاهي سرعان ما تحول إلى همس جدي): "بل انفعلنا كثيرا -ربما أكثر مما يجب!-"
هيبارا (تعود لتعبيراتها الجادة): "ما بك؟"
كونان (يلاحظ النظرات المصوبة نحوهما كالسهم، فيغير رد فعله بخفة): "يا إلهي! تأخرنا كثيرا، سيقلقون علينا ... ما رأيكم بالعودة إلى بيوتنا وتناول عشاء لذيذ؟!"
(ترفع إيومي يدها ببطء شديد لتضعها على رأسه كمن يقوم بقياس درجة الحرارة، تنظر إليه بقلق ...)
كونان (يتعجب من حركتها هذه): "مـ ... مـ ... ماذا تفعلين؟"
إيومي (بنبرة قلقة): "حرارتك طبيعية، فما الذي حصل؟"
كونان (يبعد كفها عن رأسه بلطف): "لم أفهم، ما المشكلة؟"
(هيبارا التي فهمت ما يحدث، سرعان ما كممت فمها بيدها محاولة كتم ضحكتها ...)
إيومي(تحك رأسها بشكل كوميدي): "لم يسبق لك أن تحدثت عن الطعام، ولذا قمت بالاطمئنان على صحتك، أخبرني ... هل أصابك جينتا بالعدوى؟"
جينتا (تتلألأ عيناه من فرط سعادته برفيقه الجديد): "كونان ... يا أهلا بك في فريق حب الطعام!"
هيبارا (تربت على كتفه مدعية التأثر): "عليك القبول بالأمر الواقع، تم استبدال لقب مهووس التحريات باسم ملك الطعام! هل من كلمة أخيرة؟"
كونان -أو لنقل .. ملك الطعام-(بحزن مصطنع متظاهرا بأنه يتناول الميكروفون من يد هيبارا): "شاهدت كل أنواع الجرائم ... لكن هذه أول مرة أعيش أنا دور الضحية!"
ميتسو (ينظر إلى ساعته بفزع): "يا إلهي ... تأخرنا كثيرا!"
إيومي: "إن لم أسرع بالتوجه للبيت فسأحرم من العشاء!"
جينتا: "أنا ذاهب قبل أن ينفد الكاري!"
(يغادر أبطالنا تلك الحديقة ليسيروا نحو بيوتهم، يصلون إلى مفترق الطرق حيث يودعون بعضهم تاركين خلفهم عالما بدأ الظلام يلفه شيئا فشيئا، لتنام الواجهة الساطعة ... ويستيقظ الخطر)
هيبارا (بجدية تامة): "أما الآن وقد غادر ضيوفنا غير المرحب بهم، هلا تتفضل حضرتك بشرح قصدك من:"انفعلنا كثيرا -ربما أكثر مما يجب!-" تعلم أنني لا أحب غموض أسلوب المحققين هذا!"
كونان (يرمقها بنظرة ملل): "هيبارا ... أنا جاد!"
هيبارا (بسخرية): "وهل شكَّكْنا في ذلك؟"
كونان(يتجاهل مزاحها): "أردت أن ألفتك إلى أن الفأر قد أفلت منا، لكنك كنت تستمتعين بالضحك كالأطفال!"
هيبارا (تشبك ذراعيها): "كأنك لم تكن تعيش دور ملك الطعام بكل أحاسيسك! بالمناسبة، انتبهت إلى ذهابه لكن ما باليد حيلة، لا يمكننا ملاحقته أمامهم، ثم إنه فأر لا يستحق المطاردة فهو ليس ذا مرتبة عالية!"
كونان (يتنهد): "حسنا لديك جزء من الحق، على كل، فقدناه فلا داعي للاستمرار بمناقشة هروبه""
هيبارا (تبتعد عنه): "وداعا ... لقد وصلت إلى المنزل"
كونان: "وداعا"
(أخذت المدينة تتحول من ضجيج النهار إلى نبض الليل، رغم أن الشمس قد غابت قبل دقائق، لكن السماء لا تزال تحتفظ بخيطٍ أرجواني في الأفق، يتلاشى ببطء بين ناطحات السحاب المزينة بأضواء الإعلانات اللامعة، يواصل المسير لوحده، لم يكن يتأمل ... وإنما يراقب بحذر، إلى أن يرى شخصا متشحا بالسواد، يهيئ نفسه ...)
كونان (في قمة الاندهاش): "أنت!؟ مستحيل!"
... (بابتسامة ماكرة): " مرحبا يافتى ... اشتقت إلي؟"
كونان: " هذا غير معقول! ألم تموتي قبل شهر تقريبا!؟"
ريم (تنظر إليه بحدة): "حسنا إذن يا هولمز، هل رأيت جثتي ... أم أنك اكتفيت بما قيل لك؟"
(يستذكر ما حصل في ذلك اليوم، الدماء ... المواجهة ... العميل الأسود ... الطلقة ... الوفاء ... الابتسامة الأخيرة ... شيء واحد ناقص ... الجثة! حتى القبر الذي حفر باسمها كان رمزيا! يواصل محاولة ربط الخيوط حتى يقطع صوتها حبل أفكاره)
ريم (بخبث): "ماذا!؟ ألم تستوعب ما قلته لك؟"
كونان (باستغراب): "لدي سؤال، بما أنك نجوت، لماذا لم تعودي إلينا ... ريم"
ريم: "دعني أر ... ترى من تكون ريم هذه؟ ... آاا تذكرت، تقصد تلك الممثلة، أدت دورها بمهارة صح؟"
(تتسع عيناه دهشة، يفكر في كل السيناريوهات الممكنة، لكن ... كانت النتيجة واحدة ...)
كونان (يهمس بغضب): "خـ ... ا ... ئـ ... نـ ... ـة!"
ريم: "لا أرى معك شيري، أين هي؟ عند العجوز؟"
كونان: "اسمها ليس شيري ... إنها هيبارا!"
ريم: "لا فرق لدي ... فجميعكم ستموتون على يدي!"
كونان: "لا يزال لدي سؤال، بما أن المنظمة لا زالت موجودة ... فكيف لم تتحرك؟"
ريم: "أووه ياعزيزي ... لقد تحركنا بالفعل، لكنك ببساطة ... لم تلاحظ بعد! (ثم تشير بسبابتها نحو أحد المباني، إنه مبنى تابع لمركز الشرطة) أتراه؟ بعد أن أعد إلى ثلاثة سنمحوه من الوجود ... 1 ... 2 ... 3 !"
(بمجرد أن نطقت آخر حرف، دوى صوت انفجار عظيم، قضى على سكون تلك الليلة الهادئة، خرج الجميع متعجبين، وكيف لا يفعلون؟ ألسنة اللهب تتطاير، الدخان يعم المكان، الشظايا تتناثر في كل اتجاه، لم يكن لهولمز عصره إلا أن يتراجع إلى الوراء من هول الصدمة، فذلك لم يكن مجرد طابق أو اثنين ... إنما هي ناطحة سحاب بأكملها ... بينما كان مشغولا بمشاهدة ذلك المنظر المروع، أخذت تنسحب ببطء ... رويدا ... رويدا)
كونان (يتمتم بينما يضبط ساعته المخدرة): "إلى أين تظنين نفسك ذاهبة؟ ... أنت في مرماي، ولن يستغرق الأمر أكثر من بضع ثوان!"
(وجهها نحوها، ثم أطلق الرصاصة، وبلمح البصر ... سقطت على الأرض بلا حراك)
كونان (يحدث نفسه بينما يفتش ثيابها ليضمن ألا تباغته فجأة +لا أدري ما شأن الثياب لكنني فقط أضفتها لزيادة عدد الكلمات
+): "جهاز تنصت!؟ يعني هذا أنها قالت ما قالته لأنها تحت المتابعة ... ماذا لو لم تكن كذلك؟ ماذا لو لم تكن ... هي الخائنة!؟ وكانت استنتاجاتي أنا ... هي الخاطئة؟"
(يضعها الأرض بلين ويحركها كما لو أنها قطعة زجاج هشة، بداية ثنى ساقيها كحرف v مقلوب، وثبتهما بقدمه لئلا تنزلقا منه، ثم أمسك بيديها بكل حذر ورفق، سحبها نحوه، وضعها على ظهره -الطريقة هي تماما كما ظهرت في الصور المرفقة- منطلقا بها إلى بر الأمان بينما تغزو عقله آلاف الأسئلة التي أوقفها بقوله: "إن كنت حقا بريئة ... فسامحيني!")
(تفتح عينيها، تسمع بعض الضوضاء في الخارج ... تحاول أن تفهم ماذا حصل لها، لقد كانت تسير بشكل عادي ثم ... ثم ماذا؟ سواد +
لقد فهمنا أنها خدرت مري من هذا
+ تنظر إلى المكان حولها بعينيها المتفحصتين، تشم رائحة معقم، ترى بصعوبة السقف ذا اللون الأبيض، لا عجب أن يتعذر عليها ذلك فالإضاءة ساطعة، تحاول تغطية عينيها بيدها الصغيرة، فجأة ... تشعر بيدين دافئتين تعانقانها، كان شعورا جميلا ... تمنت ألا تستيقظ من هذا الحلم، لكن وبدون سابق إنذار، بدأت ترى وجوها ضبابية تشعر بأنها قد التقتها ذات يوم، تتبادر إلى ذهنها في تلك اللحظة كثير من الأصوات "أنت بخير يا صغيرة؟" "أعدك ... أنني سأحميك ما دمت على قيد الحياة!" "رين ... عزيزتي!" رين ... من تكون رين؟ أنا رام فمن رين هذه؟ أهي شبح من الماضي؟ أم أنها مجرد أصداء لا معنى لها؟ تواصل الغوص في ذلك الضباب إلى أن تعيدها لواقعها دمعة على خدها، هي لم تبك، إذن من فعل؟صوت ناعم يقول لها ...)
إيومي (تحضنها وهي تبكي): "ريم ... اشتقت إليك، أين كنت طول هذه المدة؟ ظننت أنك لقيت حتفك!"
ريم (تبادلها العناق وتبتسم): "المهم أنني بخير الآن!"
(يتبادل المتحرون الصغار أطراف الحديث، فهم لم يفعلوا ذلك منذ زمن. يمر الوقت سريعا، ساعة، اثنتان ...)
الأطفال الحمقى: "علينا العودة الآن، إلى اللقاء ريم!"
ريم: "نلتقي غدا!"
(بمجرد أن يحدث الباب جلبة إغلاقه، ينتصب أمامها كونان، يكتب بخفة كبيرة في هاتفه ... رسالة!)
كونان (يوجه نحوها تلك الشاشة): "ما رأيك أن أحضر لك بعض العصير كي تستعيدي نشاطك؟"
(تحدق بما كتبه، عرف أمر المتعقب لديها)
ريم ... أعلم أنهم يراقبونك لذا سأكلمك تحت قناع عصير، تفهمينني أليس كذلك؟
ريم: "هذا النوع جيد، أرني بقية العروض"
كونان: "وهذا؟"
ريم: "لماذا تطرح أسئلة تعرف إجاباتها؟ تعلم أنني أكرهه"
توقعت ذلك، هل كنت تتعمدين لقائي حينها؟
كونان: "ماذا عن هذا؟"
ريم: "لا بأس به!"
هل غيّرتِ تصرفاتك للحفاظ على حياتك؟
كونان: "أنا أفضل هذا!"
ريم: "ما شأني بك؟ لكنني أتفق معك على أنه جيد"
هل ستكملين المخاطرة التي بدأتها؟
كونان: "هذا آخر خيار"
ريم: "سآخذه!"
(أفراد المنظمة الذين كانوا يستمعون للمحادثة)
كير: "هل سنستمع لكل قصص يومياتها؟"
فودكا: "لسنا من سيفعل وإنما سنعين أحد أصحاب الرتب المتواضعة ليفعل ذلك"
جين: "لم تنتبه لك حين وعت المتتبع؟"
كير: "طبعا"
بيلموت (تتمتم): "اكتشفت الرصاصة الفضية ذلك، الأمر أكبر من مجرد عصير!"
وهكذا نصل معكم إلى خاتمة هذا الفصل الذي كاد يقضي على صاحبته، أتمنى أن يحصل بعد كل هذا الجهد والعناء على الختم الناري
بالنسبة للاسئلة فلن أكثر عليكم
1. رأيكم؟
2. توقعاتكم؟