
..حين تختفي الألوان ..
حين تختفي الألوان، لا يختفي الجمال وحده، بل يغيب الإحساس أيضاً.
تشعر وكأنك تنظر إلى العالم من وراء زجاج باهت، لا شيء يلمع، لا شيء يندهش له القلب.
حتى الشمس، التي كانت تملأ الغرفة بدفء لا يُفسّر، صارت تُلقي ضوءاً باهتاً لا يسري في العروق.
الضوء لم يعد يوقظك، ولا الليل يُغريك بالنوم.
تستيقظ لأنك مجبر، وتنام لأن لا شيء يستحق أن تسهر لأجله.
الوجوه من حولك… تتكرر.
أحاديث الناس تتكرر.
حتى ابتساماتهم، تُشبه الابتسامات التي رأيتها بالأمس، والتي تراها كل يوم، دون طعم أو لون.
كانت هناك أيام كنت تضحك من قلبك، دون سبب واضح،
الآن، لا شيء يثير تلك الضحكة.
تحاول، أحيانًا، أن تضحك أمام الآخرين، حتى لا يسألوك، لكنك تشعر بالثقل بعدها، كأنك ارتكبت خيانة صغيرة بحق نفسك.
الحزن ليس دائماً صاخباً.
غالباً، يأتي على هيئة تعب خفيف في الجسد، وبرود في الأطراف، ونظرة فارغة لا ترى ما أمامها.
لا أحد يشعر بك عندما تكون منهكاً داخليًا.
ربما لأنك تبدو “طبيعيًا” من الخارج.
تمشي، تتحدث، تجيب، تضحك قليلاً... لكن لا أحد يرى أنك تفقد لونك شيئًا فشيئًا.
كل شيء يُصبح رتيبًا.
حتى الأشياء التي كنت تحبها... تصبح بلا طعم.
القهوة تُشرب، لكنك لا تشعر بها.
الأغاني تمرّ، دون أن تحرّك شيئًا بداخلك.
الكتب تتراكم، ولا تجد في نفسك الرغبة لتفتح صفحة واحدة.
وتبدأ تلاحظ غياب الألوان...
الأزرق، الذي كان يمنحك اتساعًا داخليًا، صار ضيقًا ومربكًا.
الأخضر، رمز الانتعاش، لم يعد يعني شيئًا سوى العشب الذي لا تهتم له.
الزهري، الذي كان يذكّرك بيد أمك، أو بضوء الغروب في مدرستك القديمة، يُصبح وجعًا ناعمًا لا يعرف أحد مصدره.
حتى الذكريات تفقد ألوانها.
تفكر في أيام كانت مليئة بالفرح، لكنها تأتيك الآن كأنها مشاهد بالأبيض والأسود.
تتذكر أشخاصًا كانوا "نورًا" في حياتك، لكن الآن لا تملك سوى ظلهم.
الأسوأ من الحزن... أن تُصبح لا تشعر به.
أن تُصبح في منتصف العاصفة، ولا تسمع الرياح.
تتحول من شخص يحزن، إلى شخص لا ينتظر شيئًا.
ولا يعرف إن كان يريد أن يتغيّر... أم يرضى بما هو عليه.
وبعدها . . .
يحدث أمر صغير.
رسالة من شخص لم تره منذ زمن.
رائحة تراب بعد مطر.
أغنية قديمة مرّت صدفة، أو حتى وجه غريب في الشارع يبتسم لك دون سبب.
هذا الأمر الصغير لا يُغيّرك، لكنه يوقظ شيئًا نائمًا فيك.
كأن قلبك، الذي ظل صامتًا طويلاً، تحرك قليلًا.
وتشعر أنك ما زلت هنا.
ببطء، تبدأ تلاحظ أشياء لم تكن تلاحظها.
لون الشاي في الكوب.
ظل الشجرة على الرصيف.
لمعة العين عندما تتحدث مع شخص تفهمه دون شرح.
لا تعود الألوان دفعة واحدة.
بل نقطة، ثم خط، ثم مساحة صغيرة.
تتردد، ثم تستقر.
ربما تبدأ تكتب شيئًا بسيطًا، لا لتنشره، بل لتتنفس.
تجلس قرب النافذة، وتدع الشمس تلامس وجهك دون سبب.
تفتح كتابًا كنت تحبّه، وتعيد قراءة السطور الأولى ببطء... هذه المرة لتفهمها من جديد.
وتتغيّر علاقتك بالحياة.
لا تطلب الكثير، فقط بعض الألوان.
لون واحد يكفي ليكسر الحزن، ويدلّك على الطريق.
وتكتشف أنك لست بحاجة لأن تعود كما كنت.
أنت الآن نسخة أخرى…
أكثر صدقًا.
أكثر فهمًا للألم.
وأكثر تقديرًا لتفاصيل صغيرة ما كنت تراها من قبل.
تسامح نفسك على الانطفاء، وتسامح الحياة على ما أخذت.
تضع يدك على قلبك، لا لتتأكد أنه ينبض، بل لأنك تشعر به.
الحزن ما زال هناك، لكنه لم يعد عدوًا.
صار صديقًا يعرفك.
صار دليلاً على أنك كنت تحب، وتخسر، وتشتاق.
والآن… تحاول من جديد.
وتعود الألوان... لا كما كانت، بل كما أنت الآن.
لون القهوة في الصباح.
لون الستائر التي فتحتها بعد أشهر.
لون دفء الكتف الذي استندت عليه يومًا.
لون الكلام الذي لم يُقال، لكنه علق في القلب.
وتضحك… هذه المرة، بصدق.
لا لأنك نسيت، بل لأنك سامحت.
لأنك عدت لترى، رغم كل شيء.
عدت لتعيش، وإن ببطء.
وتفهم أخيرًا…
أن معنى الحياة لم يكن في اكتمال الألوان،
بل في الشجاعة أن تنتظرها حين تغيب،
وأن تفرح بها، حين تعود.
حين تختفي الألوان، لا يختفي الجمال وحده، بل يغيب الإحساس أيضاً.
تشعر وكأنك تنظر إلى العالم من وراء زجاج باهت، لا شيء يلمع، لا شيء يندهش له القلب.
حتى الشمس، التي كانت تملأ الغرفة بدفء لا يُفسّر، صارت تُلقي ضوءاً باهتاً لا يسري في العروق.
الضوء لم يعد يوقظك، ولا الليل يُغريك بالنوم.
تستيقظ لأنك مجبر، وتنام لأن لا شيء يستحق أن تسهر لأجله.
الوجوه من حولك… تتكرر.
أحاديث الناس تتكرر.
حتى ابتساماتهم، تُشبه الابتسامات التي رأيتها بالأمس، والتي تراها كل يوم، دون طعم أو لون.
كانت هناك أيام كنت تضحك من قلبك، دون سبب واضح،
الآن، لا شيء يثير تلك الضحكة.
تحاول، أحيانًا، أن تضحك أمام الآخرين، حتى لا يسألوك، لكنك تشعر بالثقل بعدها، كأنك ارتكبت خيانة صغيرة بحق نفسك.
الحزن ليس دائماً صاخباً.
غالباً، يأتي على هيئة تعب خفيف في الجسد، وبرود في الأطراف، ونظرة فارغة لا ترى ما أمامها.
لا أحد يشعر بك عندما تكون منهكاً داخليًا.
ربما لأنك تبدو “طبيعيًا” من الخارج.
تمشي، تتحدث، تجيب، تضحك قليلاً... لكن لا أحد يرى أنك تفقد لونك شيئًا فشيئًا.
كل شيء يُصبح رتيبًا.
حتى الأشياء التي كنت تحبها... تصبح بلا طعم.
القهوة تُشرب، لكنك لا تشعر بها.
الأغاني تمرّ، دون أن تحرّك شيئًا بداخلك.
الكتب تتراكم، ولا تجد في نفسك الرغبة لتفتح صفحة واحدة.
وتبدأ تلاحظ غياب الألوان...
الأزرق، الذي كان يمنحك اتساعًا داخليًا، صار ضيقًا ومربكًا.
الأخضر، رمز الانتعاش، لم يعد يعني شيئًا سوى العشب الذي لا تهتم له.
الزهري، الذي كان يذكّرك بيد أمك، أو بضوء الغروب في مدرستك القديمة، يُصبح وجعًا ناعمًا لا يعرف أحد مصدره.
حتى الذكريات تفقد ألوانها.
تفكر في أيام كانت مليئة بالفرح، لكنها تأتيك الآن كأنها مشاهد بالأبيض والأسود.
تتذكر أشخاصًا كانوا "نورًا" في حياتك، لكن الآن لا تملك سوى ظلهم.
الأسوأ من الحزن... أن تُصبح لا تشعر به.
أن تُصبح في منتصف العاصفة، ولا تسمع الرياح.
تتحول من شخص يحزن، إلى شخص لا ينتظر شيئًا.
ولا يعرف إن كان يريد أن يتغيّر... أم يرضى بما هو عليه.
وبعدها . . .
يحدث أمر صغير.
رسالة من شخص لم تره منذ زمن.
رائحة تراب بعد مطر.
أغنية قديمة مرّت صدفة، أو حتى وجه غريب في الشارع يبتسم لك دون سبب.
هذا الأمر الصغير لا يُغيّرك، لكنه يوقظ شيئًا نائمًا فيك.
كأن قلبك، الذي ظل صامتًا طويلاً، تحرك قليلًا.
وتشعر أنك ما زلت هنا.
ببطء، تبدأ تلاحظ أشياء لم تكن تلاحظها.
لون الشاي في الكوب.
ظل الشجرة على الرصيف.
لمعة العين عندما تتحدث مع شخص تفهمه دون شرح.
لا تعود الألوان دفعة واحدة.
بل نقطة، ثم خط، ثم مساحة صغيرة.
تتردد، ثم تستقر.
ربما تبدأ تكتب شيئًا بسيطًا، لا لتنشره، بل لتتنفس.
تجلس قرب النافذة، وتدع الشمس تلامس وجهك دون سبب.
تفتح كتابًا كنت تحبّه، وتعيد قراءة السطور الأولى ببطء... هذه المرة لتفهمها من جديد.
وتتغيّر علاقتك بالحياة.
لا تطلب الكثير، فقط بعض الألوان.
لون واحد يكفي ليكسر الحزن، ويدلّك على الطريق.
وتكتشف أنك لست بحاجة لأن تعود كما كنت.
أنت الآن نسخة أخرى…
أكثر صدقًا.
أكثر فهمًا للألم.
وأكثر تقديرًا لتفاصيل صغيرة ما كنت تراها من قبل.
تسامح نفسك على الانطفاء، وتسامح الحياة على ما أخذت.
تضع يدك على قلبك، لا لتتأكد أنه ينبض، بل لأنك تشعر به.
الحزن ما زال هناك، لكنه لم يعد عدوًا.
صار صديقًا يعرفك.
صار دليلاً على أنك كنت تحب، وتخسر، وتشتاق.
والآن… تحاول من جديد.
وتعود الألوان... لا كما كانت، بل كما أنت الآن.
لون القهوة في الصباح.
لون الستائر التي فتحتها بعد أشهر.
لون دفء الكتف الذي استندت عليه يومًا.
لون الكلام الذي لم يُقال، لكنه علق في القلب.
وتضحك… هذه المرة، بصدق.
لا لأنك نسيت، بل لأنك سامحت.
لأنك عدت لترى، رغم كل شيء.
عدت لتعيش، وإن ببطء.
وتفهم أخيرًا…
أن معنى الحياة لم يكن في اكتمال الألوان،
بل في الشجاعة أن تنتظرها حين تغيب،
وأن تفرح بها، حين تعود.

التعديل الأخير: