- إنضم
- 23 مايو 2020
- رقم العضوية
- 11114
- المشاركات
- 412
- مستوى التفاعل
- 3,355
- النقاط
- 345
- أوسمتــي
- 5
- العمر
- 19
- الإقامة
- ظلمات الأعماق
- توناتي
- 1,760
- الجنس
- ذكر
أخذ جميع الأطفال أماكنهم، أما "توم" فلا زال واقفا في مكانه دون حراك، تلوح تلك الفتاة له قائلة: تعال بسرعة، هناك مكان بجواري. ذهب "توم" و جلس بجوارها من غير أي تفكير، بعد فترة ليست بطويلة انفتح باب الفصل ببطء ليعم الصمت، و إذ بالذراع الضخمة تدخل محدثة صوت الفرقعة ذاك! "كراك"! "كراك"!...
التفتت الفتاة ذات الشعر القصيرنحو "توم" بالتفافة خاطفة : اسمع!لا تقل شيئا لا تفعل شيئا فقط ابق هادئا فهمت؟! أومأ برأسه موافقا و علامات الخوف بادية على وجهه الشاحب، كانت الذراع تتحرك و تتلوى كالثعبان مما زاد من ذعر "توم"، وخزته الفتاة هامسة له:أخفض رأسك! نفذ "توم" أمرها دون نقاش، فعلى ما يبدو أنها تعرف جيدا كيف تسير الأمور في هذا المكان.
و هنا حصل الأمر الذي جعل كل من في الفصل يرتجف... سيدة عجوز طويلة القامة تصل إلى قرابة المترين و النصف! ذات شعر مجعد،و رأس كبير و بشرة بيضاء شاحبة،و وجه مشوه ملأته التجاعيد و الندوب، كانت ترتدي ملابس تشبه ملابس المدرسين و كأنها مجرد مدرسة عادية لمجموعة من الطلاب. أما ذراعها الملتوية عادت إلى طولها الطبيعي! مرت لحظة وجيزة عم فيها الصمت... -سأقوم بأخذ الحضور... صوت مشوش مرعب جعل قلب "توم" يصعد إلى حنجرته من شدة الذعر. رفع رأسه ببطء ليرى ذلك الوحش المتجسد على هيئة مدرسة يقوم بقلب صفحات دفتر ما، لم يكد "توم" يتمكن من كبت صرخته العالقة، فمن بين كل الصدمات التي أصابته هذا الصباح لم تتجاوز أي منها هول هذه الصدمة.
تقوم المدرسة بأخذ الحضور: ... جينفر ويلسون (حاضرة) بيلي لووكود (حاضر) سارة داين (حاضرة) توم رايج...توم رايج! نظر "توم" يمينا و شمالا و كأنه مريض عقليا يحاول الهرب من مستشفى مجانين، ثم فجأة صاح لاشعوريا: ح...حاضر! ، ترمقه المدرسة بنظرة مليئة بالشك: إذن...أنت الطالب الجديد، آمل أن ترحيبي بك كان لائقا... خفض "توم" رأسه صامتا، تتابع المدرسة أخذ الحضور: كايل مكوين...كايل مكوين؟...كايل مكوين! قلبت هذه الصرخة الصف رأسا على عقب، و في تلك اللحظة دخل الصف طفل شديد التوتر و القلق التفتت إليه المدرسة و غضبها قد اشتعل في عينيها، و فجأة تمددت رقبتها و باتت تتلوى كذراعها تماما! ووجهت ملامحها الغاضبة نحو الطفل ما جعله ينهمر في البكاء ، صاحت المدرسة في وجهه قائلة: لماذا تأخرت؟ ألا تدرك أنه إنذارك الثالث؟! رد عليها بصوت خافت: أنا...كنت... قاطعته بعد أن لمحت شيئا في يده: ما هذا؟ هاتف ؟!أين عثرت عليه؟ أكنت تحاول الاتصال بشخص ما؟...أهدرت إنذارك الأخير في محاولة فاشلة للهرب!؟.ثم صدمته برأسها و قامت بسحقه على الحائط المقابل لباب الصف ما جعله يلفظ أنفاسه الأخيرة! أصاب كل الأطفال بالذعر من تصرف المدرسة العدواني، أما "توم" فقد كان أكثر المرتعبين من هول المشهد الذي رآه بصفته الطالب الجديد الذي لا يعرف شيئا عن المدرسة التي انتقل إليها، أو بالأحرى السجن الذي زج فيه...
عادت رقبة المدرسة إلى طولها الطبيعي، و قالت بكل برود: حسنا جميعا، افتحوا كتبكم على الصفحة 103...أخرج جميع الطلاب كتبهم من درج الطاولة، ما عدا "توم" الذي لا زال خافضا رأسه من غير حراك، همست إليه "سارة" و قد بدا على صوتها القلق و الحزن: أخرح كتابك، إنه في الدرج، لا تريدأن يحصل لك ما حصل له... مد "توم" يده المرتجفة نحو الدرج و قام بإخراج الكتاب وهم بفتحه على الصفحة المطلوبة.
قضى "توم" الصف الدراسي كله يفكر في ما حدث للطفل المسمى "كايل" إلى أن دق جرس نهاية الدوام على الساعة 12 تماما، لم يتحرك أحد من الطلاب من مكانه إلى أن أمرتهم المدرسة بذلك قائلة: فلتخرجوا جميعا، و أتوقع منكم تقريرا عن قصة ليلة في المنزل المجهول، ستسلمونه لي يوم غد هل هذا مفهوم؟ ترد عليها "سارة": مفهوم أيتها المدرسة. اندهش "توم" من جرأة "سارة" مما جعله يريد التقرب إليها لظنه أنها السبيل الوحيد لنجاته في هذا المكان. بعد أن خرج الطلاب من الصف تفاجؤوا بجثة الطفل "كايل" المشوهة على الحائط ما سبب تقيؤا بعضهم، انصرفت "سارة" بسرعة و لحق بها "توم" من أجل سؤالها: إلى...إلى أين نحن ذاهبون؟ ردت عليه قائلة: الكافتيريا، اتبعني إن كنت جائعا... بعد رحلة طويلة بين الأروقة وصل الطلاب إلى الكافتيريا و هي قاعة يعمها الظلام، لكن مع ذلك فالرؤية غير منعدمة فيها، أخذ كل واحد من الأطفال صحنا ثم وقفوا منتظرين أدوارهم. جاء دور "توم" و كان كل ما يفكر فيه هو أن الطاهي هو وحش مثل المدرسة تماما، ليتفاجأ أن المدرسة نفسها هي الطاهي ، تجمد "توم" في مكانه لوهلة، كانت "سارة" بجواره تماما و قامت بوخزه قائلة: مد صحنك إليها! قام "توم" بمد صحنه لتضع عليه المدرسة لحما غريب الشكل و تأمره بالانصراف.
جلس "توم" في إحدى الطاولات بمفرده يتحقق من قطعة اللحم التي أمامه، و ما هي إلا لحظات حتى أتت "سارة" و جلست هي الأخرى معه و انهالت على القطعة الخاصة بها إلى أن ألتهمتها تماما،نظر إليها "توم" مصدوما: كيف أكلت ذلك؟ ردت عليه بوجه منزعج: كله أو مت من الجوع، و صدقني هذا الشيء لذيذ للغاية، إنه الشيء الوحيد الجيد في هذا المكان. رفض "توم" فكرة تناوله رفضا قاطعا لكن مع ذلك فجوعه الشديد قد أجبره على ذلك، أمسك قطعة اللحم و قربها من فمه، ثم أخذ منها قضمة جعلته يعيش حلما خياليا لم يتمكن من الاستيقاظ منه إلى أن التهم ذلك اللحم بكامله، رمقته "سارة" بنظرة مليئة بالثقة، و بعد أن عاد "توم" إلى صوابه أخذ نفسا عميقا ثم قال: لدي العديد من الأسئلة التي أريدك أن تجيبيني عنها. وافقت "سارة" على طلبه و أومأت برأسها، تابع "توم" كلامه: أريد أن أعرف ماهية هذا المكان... هل هو مدرسة حقا؟ ردت عليه بكل حزم: نعم إنه كذلك...إلا أنها ليست مدرسة عادية إنها...مدرسة حياة أو موت!
التعديل الأخير: